حال قيامه فنيته لغو بخلاف ما لو قال هذا الرجل القائم وهو ينوى حال قيامه فإن نيته تعمل فيما بينه وبين الله تعالى وتخصيص الصفة أن يقول لا أتزوج امرأة وهو ينوى كوفية أو بصرية فإن نيته لغو .
ولو نوى عربية أو حبشية عملت نيته فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى التخصيص في الجنس وذلك في لفظه ولو حلف لا يأكل شواء ولا نية له فهو على اللحم خاصة ما لم ينو غيره لأن الناس يطلقون هذه اللفظة على اللحم عادة دون الفجل والجزر المشوى ألا ترى أن الشوا اسم لمن يبيع اللحم المشوي فمطلق لفظه ينصرف إليه للعرف إلا أن ينوى كل ما يشوى من بيض أو غيره فتعمل نيته لما فيه من التشديد عليه .
( ولو حلف لا يأكل رأسا ) ( قال ) ( فهذا على رؤوس البقر والغنم ) وهذا لأنا نعلم أنه لم يرد رأس كل شيء وإن رأس الجراد والعصفور لا يدخل في هذا وهو رأس حقيقة فإذا علمنا أنه لم يرد الحقيقة وجب اعتبار العرف وهو الرأس الذي يشوى في التنانير ويباع مشويا فكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أولا يدخل فيه رأس الإبل والبقر والغنم لأنه رأى عادة أهل الكوفة فإنهم يفعلون ذلك في هذه الرؤوس الثلاثة ثم تركوا هذه العادة فرجع وقال يحنث في رأس البقر والغنم خاصة .
ثم إن أبا يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى شاهدا عادة أهل بغداد وسائر البلدان أنهم لا يفعلون ذلك إلا في رأس الغنم خاصة فقالا لا يحنث إلا في رؤوس الغنم فعلم أن الاختلاف اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حكم وبيان والعرف الظاهر أصل في مسائل الأيمان .
وإن حلف لا يأكل بيضا فهو على بيض الطير من الدجاج والأوز وغيرهما ولا يدخل بيض السمك ونحوه فيه إلا أن ينويه لأنا نعلم أنه لا يراد بهذا بيض كل شيء فإن بيض الدود لا يدخل فيه فإنما يحمل على ما يطلق عليه اسم البيض ويؤكل عادة وهو كل بيض له قشر كبيض الدجاجة ونحوها وإن حلف لا يأكل طبيخا فهو على اللحم خاصة ما لم ينو غيره استحسانا .
وفي القياس يحنث في اللحم وغيره مما هو مطبوخ ولكن الأخذ بالقياس يفحش فإن المسهل من الدواء مطبوخ ونحن نعلم أنه لم يرد ذلك فحملناه على أخص الخصوص وهو اللحم لأنه هو الذي يطبخ في العادات الظاهرة فإن الطبيخ في العادة ما يتخذ من الألوان والباحات وهو الذي يسمى متخذ ذلك طباخا فأما من يطبخ الآجر لا يسمى طباخا .
قالوا وإنما يحنث إذا أكل اللحم المطبوخ فأما المقلية اليابسة فلا وما طبخ بالماء إذا أكل المرقة مع الخبز يحنث وإن لم يأكل عين اللحم لأن أجزاء اللحم فيه ولأن تلك المرقة تسمي طبيخا .
وإذا حلف لا يأكل