في الاسقاط نصف السعاية عن المملوك أعادها لبيان حكم الولاء وهو أنهما إذا كانا معسرين يسعى العبد في نصف قيمته بينهما والولاء بينهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن نصيب كل واحد عتق على ملكه باعتبار ما أدى إليه من السعاية وما سقط بإسقاطه لا باعتبار الأحوال فيكون لكل واحد منهما ولاء نصيبه .
وفي قول أبي يوسف رحمه الله تعالى الولاء موقوف لأن كل واحد منهما ينفيه عن نفسه ويزعم أن صاحبه حانث وأن الكل عتق من جهته لأن العتق عنده لا يتجزى فلهذا كان الولاء موقوفا .
وعلى قول محمد رحمه الله تعالى يسعى في قيمته كاملة لهما والولاء موقوف لأن العتق عند محمد رحمه الله تعالى لا يتجزى فكل واحد منهما يزعم أن صاحبه حانث وأن الولاء كله له فلهذا يتوقف الولاء وكل ولاء موقوف فميراثه يوقف في بيت المال لأنه لصاحب الولاء وهو غير معلوم والمال الذي لا يعرف مستحقه يوقف في بيت المال حتى يظهر مستحقه وجنايته على نفسه لا يعقل عنه بيت المال لأن بيت المال لا يرث ماله إنما يوقف المال فيه ليظهر مستحقه فلا يعقل جنايته أيضا وهذا لأن بيت المال إنما يعقل جناية من يكون ولاؤه للمسلمين ومن عليه ولاء عتاقة لا يكون ولاؤه للمسلمين ونحن نتيقن أن على هذا الرجل ولاء عتاقة فلهذا لا يجعل عقل جنايته على بيت المال والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .
$ باب آخر من الولاء $ ( قال ) رضي الله عنه ( واللقيط حر يرثه بيت المال ويعقل عنه ) هكذا نقل عن عمر وعلي رضي الله عنهما وهذا لأن الحرية والإسلام تثبت له باعتبار الدار فيكون ولاؤه لأهل دار الإسلام يرثونه ويعقلونه جنايته ومال بيت المال مال المسلمين بخلاف مال من عليه ولاء موقوف لأن ذلك منسوب إلى المعتق وهذا غير منسوب إلى أحد حتى لو والى اللقيط إنسانا قبل أن يعقل عنه بيت المال جنايته فولاؤه له لأنه صار منسوبا إليه بالولاء حين عاقده وولاؤه لبيت المال لم يتأكد بعقل الجناية حتى لو تأكد بعقل الجناية لم يملك أن يوالي أحدا .
( فإن قيل ) الولاء عليه للمسلمين ثبت شرعا فلا يملك إبطاله بعقده كولاء العتق .
( قلنا ) نعم ولكن ثبوته لمعنى ذلك المعنى يزول بالعقد وهو أنه غير منسوب إلى أحد بخلاف مولي العتاقة فإن ثبوت الولاء عليه لمعنى لا يزول ذلك بالعقد وحكم موالى اللقيط كحكم اللقيط