إذا كان واحدا لا يثبت النسب عن أبيه فكذلك لا يثبت الولاء له ولكنه استحسن وألزم ولاءه الأب إذا كان عصبتهما واحدا وقومهما من حي واحد لأن الولاء أثر الملك وإقراره في أصل الملك بعد موت الأب كإقرار الأب له في حياته فكذلك في أثره ثم الإرث بحكم ذلك الولاء إنما يثبت للابن المقر كما لو أعتقه بنفسه وعقد الجناية يكون على قومه .
فإذا كانا من حي واحد فهو غير متهم في حق قومه لأنه لو أنشأ عتقه بنفسه يلزمهم عقل جنايته فكذلك إذا أقر به على أبيه وإن كان الأب أعتقه قوم والابن أعتقه آخرون فالولاء موقوف لأنه متهم في حق موالي الأب فإنه لا يملك أن يلزمهم عقل جنايته بإنشاء العتق فيكون متهما في الإقرار به وهذا الفصل نظير النسب لأنه لا يملك إثبات حكمه في حق الأب وقومه بطريق الإنشاء فلا يصدق في الإقرار به أيضا .
وإن كان معه بن آخر فكذبه كان له أن يستسعي العبد في حصته لأن نصف العبد مملوك وهو يزعم أن صاحبه قد أفسده عليه بإقراره كاذبا ولم يصر بذلك ضامنا كما لو شهد على شريكه بالعتق بل احتبس نصيبه عند العبد فله أن يستسعيه في نصف قيمته .
ثم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولاء هذا النصف للذي استسعاه لأنه يدعيه ويزعم أنه عتق على ملكه بأداء السعاية وولاء النصف الآخر للميت لأن الولد المقر يزعم أن ولاء الكل للميت وإقراره صحيح فيما هو من حقه كما لو لم يكن معه غيره ولهذا جعلنا ولاء حصته للميت إذا كان قومهما واحدا .
وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ولاء النصف الذي هو نصيب المقر للميت لهذا المعنى أيضا وولاء النصف الذي استسعاه موقوف لأن عندهما العتق لا يتجزى فالذي استسعاه يتبرأ من الولاء ويقول إنما عتق هذا النصف بإقرار شريكي لأن إقراره كالعتق فالولاء في الكل له والمقر يزعم أنه ليس له بل هو للميت فيتعارض قولهما في نصيب الذي استسعاه فيبقي موقوفا حتى يرجع أحدهما إلى تصديق صاحبه وكذلك إن كان في الورثة رجال ونساء فأقرت امرأة منهم بذلك .
( فإن قيل ) على قولهما لما أقر المستسعي بولاء نصيبه لصاحبه وصاحبه مقر به للميت فينبغي أن يثبت ولاء العبد كله من الميت .
( قلنا ) نعم ولكن من ضرورة إثبات كل الولاء من الميت الحكم بأنه عتق من جهة الميت وذلك يسقط حق المستسعي في السعاية فلإبقاء حقه في السعاية جعلنا ولاء هذا النصف موقوفا .
( عبد بين رجلين قال أحدهما إن لم يكن دخل أمس المسجد فهو حر وقال الآخر إن كان دخل فهو حر ) قد بينا هذه المسألة في كتاب العتاق