لأنه ما تعلق عتقه بمطلق موت المولى بل به ومشيئته ثم قول المولى إن شئت محتمل يجوز أن يكون مراده المشيئة في الحال ويجوز أن يكون مراده المشيئة بعد الموت فينوي في ذلك فإن نوى بالمشيئة الساعة فشاء العبد فهو حر بعد موته من الثلث لأن شرط المشيئة لما وجد من العبد في المجلس يصير عتقه متعلقا بمطلق موت المولى بعده فيكون مدبرا .
وإن كان نوى بالمشيئة بعد الموت فإذا مات المولى فشاء العبد عند موته فهو حر من ثلثه لوجود الشرط لا باعتبار التدبير .
وكان أبو بكر الرازي رحمه الله يقول الصحيح أن لا يعتق هنا ما لم يعتقه الوارث أو الوصي لأنه لما لم يعتق بنفس الموت صار ميراثا فلا يعتق بعد ذلك إلا بإعتاق منهم ويكون هذا وصية يحتاج إلى تنفيذها كما لو قال أعتقوه بعد موتي إن شاء وجعل هذا نظير ما لو قال له أنت حر بعد موتي بشهر فإنه لا يعتق إلا باعتاق من الوارث أو الوصي بعد شهر هكذا ذكره بن سماعة في نوادره ثم في ظاهر الجواب يعتبر وجود المشيئة من العبد في المجلس بعد موت المولى كما يتقيد بهذا اللفظ مشيئته بالمجلس في حال حياته وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يتوقت بالمجلس لأن هذا في معنى الوصية ولا يشترط في لزوم الوصية القبول في المجلس بعد الموت ولو قال أنت حر بعد موتي بيوم لم يكن مدبرا وله أن يبيعه لأن عتقه ما تعلق بمطلق الموت بل يمضي يوم بعده فإن مات لم يعتق في الوقت الذي سمى حتى يعتقه الورثة وهذا يؤيد ما ذكره أبو بكر الرازي وقد بينا المعنى فيه .
ومن أصحابنا من فرق بين هذا وبين الأول فقال لما أخر العتق عن موته بزمان ممتد في يوم أو شهر وملك الوارث يتقرر في ذلك الزمان عرفنا أن مراده الأمر بإعتاقه فلا يعتق ما لم يعتقه وأما في مسألة المشيئة تتصل مشيئة العبد بموت المولى قبل تقرر الملك للوارث فيعتق بإعتاق المولى ولا تقع الحاجة إلى إعتاق الوارث إياه وكذلك لو قال كل مملوك لي فهو حر بعد موتي بيوم فهذا وما أوجب للمملوك بعينه سواء لما بينا .
ولو قال كل مملوك لي فهو حر بعد موتي فما كان في ملكه حين قال هذه المقالة فهو مدبر لأنه تعلق عتقه بموت المولى وما دخل في ملكه بعد ذلك لم يصر مدبرا ولكن إن مات وهو في ملكه عتق من ثلثه مع المدبرين وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وعند أبي يوسف رحمه الله لا يتناول هذا اللفظ ما يستحدث الملك فيه وكذلك لو قال كل مملوك أملكه فهو حر بعد موتي أو كل مملوك أملكه إذا مت فهو حر فأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول التعليق معتبر بالتنجيز ولو نجز العتق بهذا اللفظ لم يتناول العتق إلا ما هو مملوك له في الحال فكذلك إذا علق بالموت