نيته لأنه نوى حقيقة كلامه ثم لا يكون مدبرا لأنه علق عتقه بما ليس بكائن لا محالة وهو موته بالنهار وربما يموت بالليل فلهذا لا يكون مدبرا ولو قال إن حدث بي حدث في مرضي هذا أو سفري هذا فأنت حر لم يكن مدبرا وله أن يبيعه لأنه علق عتقه بما ليس بكائن لا محالة فربما يرجع من ذلك السفر ويبرأ من ذلك المرض وفقه هذا الكلام أتا إنما نوجب حق الحرية بالتدبير في الحال بناء على قصده القربة بطريق الخلافة وهذا القصد منه ينعدم إذا علقه بموت بصفة لأن القصد إلى القربة لا يختلف بالموت من ذلك المرض أو من غيره فلانعدام هذا القصد لم يكن مدبرا بخلاف ما إذا علقه بمطلق الموت فإن القصد إلى إيجاب القربة هناك متحقق حين علقه بما هو كائن لا محالة ولكن إن مات كما قال عتق من ثلثه لأن التعليق بالشرط صحيح مع انعدام القصد إلى إيجاب القربة وإذا وجد الشرط عتق من ثلثه وإن بريء من مرضه أو رجع من سفره ثم مات لم يعتق لأن الشرط الذي علق عتقه به قد انعدم .
وإذا قال أنت حر بعد موت فلان لم يكن مدبرا لأن موت فلان ليس بسبب للخلافة في حق هذا المولى ووجوب حق العتق باعتبار معنى الخلافة فإذا لم يوجد ذلك لم يكن مدبرا وإلى هذا أشار فقال ألا ترى أن فلانا لو مات والمولى حي عتق العبد ولا خلافة قبل موته ولو مات المولى وذلك الرجل حي صار العبد ميراثا للورثة فكيف يكون مدبرا وتجري فيه سهام الورثة وكذلك إن قال أنت حر بعد موتي وموت فلان أو بعد موت فلان وموتي فهذا لا يكون مدبرا لأنه ما تعلق عتقه بمطلق موت المولى فحسب وإنما تعلق بموتين فإن مات المولى قبل فلان لم يعتق لأن الشرط لم يتم وصار ميراثا للورثة فكأن لهم أن يبيعوه .
وإن مات فلان قبل المولى فحينئذ يصير مدبرا عندنا وليس له أن يبيعه .
وعلى قول زفر رحمه الله تعالى لا يكون مدبرا لأنه ما تعلق عتقه بموت المولى فحسب إنما نعلق بموتين كما علقه المولى فكان موت المولى بعد موت فلان متمما للشرط لا إنه كمال الشرط .
وهذا على أصل زفر رحمه الله تعالى مستقيم فإنه يجعل كل جزء من الشرط معتبرا حتى اعتبر وجود الملك عند وجود بعض الشرط على ما بينا في الطلاق .
ولكنا نقول بعد موت فلان تعلق عتقه بمطلق موت المولى حتى أنه متى مات عتق وصورة المدبر هذا فكان مدبرا كما لو قال له إذا كلمت فلانا فأنت حر بعد موتي فكلمه أو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فإذا كلم فلانا كان مدبرا فكذلك هنا قال وإن قال أنت حر بعد موتي إن شئت لم يصر مدبرا