فلا يصدقه القاضي إلا بحجة ولو قال أبيعك عبدا بكذا ولم يسمه ولم يره المشتري فالبيع باطل لأنه أوجبه في مجهول وإيجاب البيع في المجهول باطل وهذه جهالة تفضي إلى المنازعة بينهما فإن اتفقا أنه هذا فالبيع جائز لأن الجهالة والمنازعة قد ارتفعت باتفاقهما وكان بيانهما في الانتهاء بمنزلة التعيين في الابتداء وإن قال أبيعك عبدي بكذا ولم يسم كان المشتري بالخيار إذا رآه لأنه عرفه بالإضافة إلى نفسه فكان بمنزلة التعريف بالإشارة إلى مكانه وليس في ذلك المكان مسمى بذلك الاسم إلا واحد وثبوت الخيار للمشتري لعدم الرؤية .
( قال ) ( وليس هذا كالعتق ) وظن بعض مشايخنا رحمهم الله تعالى أن مراده الفرق بينهما في إثبات خيار الرؤية وليس كذلك بل المراد هو الفرق لأن إيجاب العتق في المجهول صحيح بخلاف إيجاب البيع حتى لو قال أعتقت عبدا وليس له إلا عبد واحد يعتق ذلك العبد بخلاف ما لو قال بعتك عبدا لأن المنازعة تتمكن بسبب الجهالة في البيع دون العتق والبيان من المولى مقبول في العتق لأنه إيجاب لا يقابله استيجاب بخلاف البيع ولو قال أحد عبدي حر أو أحد عبيدي حر وليس له إلا عبد واحد عتق ذلك العبد لأنه عرف محل العتق بإضافته إلى نفسه بالملكية وإذا كان المضاف إليه بالملكية واحدا كان متعينا لإيجابه .
ولو قال لعبديه أحدكما حر عتق أحدهما لا بعينه لأن العتق يحتمل التعليق بالشرط فيصح إيجابه في المجهول كالطلاق وهذا لأن المتعلق بالشرط إنما ينزل عند وجود الشرط والإيجاب في المجهول في حق العين كالمتعلق بشرط البيان فيما يحتمل التعليق بالشرط فيصح إيجابه في المجهول .
فإن مات أحدهما أو قتل تعين العتق في الآخر لأن الذي مات خرج من أن يكون محلا لإيقاع العتق عليه والعتق المبهم في حق المعين كالنازل عند البيان فلا بد من بقاء لمحل ليبقى خياره في البيان وعدم التعين في الباقي منهما كان لمزاحمة الآخر إياه وقد زالت هذه المزاحمة بخروج أحدهما من أن يكون محلا للعتق فلهذا يتعين في الآخر وهذا بخلاف البيع فإنه لو اشترى أحد العبدين وسمى لكل واحد منهما ثمنا وشرط الخيار لنفسه ثم مات أحدهما تعين البيع في الهالك وهنا يتعين العتق في القائم قال علي القمي وفي الحقيقة لا فرق بينهما لأن الهالك يهلك على ملكه في الفصلين والأصح أن يقول هناك حين أشرف أحدهما على الهلاك تعين البيع فيه لأنه تعذر عليه رده كما قبض فإنما يتعين للبيع وهو حي لا ميت وهنا لو تعين العتق فيه تعين بعد الموت لأنه بالإشراف على الهلاك لا يخرج من أن يكون محلا للعتق وبعد الموت هو ليس