حالة معهودة تنافي إعتاقه فكان إنكارا للعتق معنى وإقرارا صورة والعبرة للمعنى دون الصورة وكذلك لو قال أعتقته قبل أن يخلق أو قبل أن أخلق لأنه أضاف إلى حالة معهودة تنافي تصور الإعتاق فيكون هذا أبلغ في النفي من الإضافة إلى حالة تنافي الإعتاق شرعا وإذا وجب تصديقه هناك فهنا أولى وإذا قال لعبده أنت حر متى شئت أو كلما شئت أو إذا ما شئت فقال العبد لا أشاء ثم باعه ثم اشتراه ثم شاء العتق فهو حر لأنه علق عتقه بوجود مشيئته في عمره ولم يفت ذلك بقوله لا أشاء لأنه يتحقق منه المشيئة بعده وقوله لا أشاء كسكوته أو قيامه عن المجلس ولا يجعل قوله لا أشاء رد الأصل كلام المولى لأن تعليق العتق بالشرط يتم بالمولى فلا يرتد برد العبد وإذا بقي التعليق نزل العتق لوجود الشرط بمشيئته .
( قال ) ( ألا ترى أنه لو قال أنت حر إن دخلت الدار ثم باعه ثم اشتراه فدخل الدار يعتق ) وهذا مذهبنا فأما عند الشافعي لا يعتق لأن الملك عنده كما يشترط لانعقاد اليمين يشترط لبقائها وبالبيع زال ملكه ولكنا نقول الملك ليس بشرط لانعقاد اليمين وإنما الشرط وجود المحلوف به فلهذا صححنا إضافة العتق إلى الملك والمحلوف به هو العتق ومحلية العبد للعتق بصفة الرق وذلك لا ينعدم بالبيع إلا أنه يشترط الملك عند وجود الشرط لنزول العتق لأن تصرفه يتصل بالمحل عند وجود الشرط فأما قبل ذلك بقاء اليمين ببقاء ذمته وبقاء المحلوف به لكونه محلا للعتق فلا معنى لاشتراط الملك فيه وإن قال أنت حر حيث شئت فقام من مجلسه بطل ذلك لأن حيث عبارة عن المكان أي أنت حر في أي مكان شئت فليس في لفظه ما يوجب تعميما في الوقت فيتوقت بالمجلس كقوله إن شئت .
وإن قال أنت حر كيف شئت عتق في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولم يعتق في قولهما ما لم يشأ قبل أن يقوم من مجلسه وقد بينا هذا في الطلاق والعتق قياسه وقوله كيف شئت في العتق ليس بشيء عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن بعد نزول العتق لا مشيئة لأحد في تغييره من وصف إلى وصف ولهذا لو شاء العبد عتقا على مال أو إلى أجل أو بشرط أو شاء التدبير فذلك باطل كله وهو حر وإن قال عبدي حر وليس له إلا عبد واحد عتق لأنه عرف محل العتق بإضافته إلى نفسه فكأنه عرفه بالإشارة إليه ولأنه أوجب ما لا يتم إيجابه إلا في ملكه فتعين ملكه له فإن قال لي عبد آخر وإياه عنيت لم يصدق إلا ببينة لأن كلامه تناول ذلك العبد الذي ظهر ملكه فيه باعتبار الظاهر فيكون هو متهما في صرفه عنه إلا من لا يعلم