تعجل العتق للعبيد وذلك ليس بصنع منا بل بإعتاق الموصي ولزوم تصرفه شرعا ولو أبطلنا حق بعض العبيد كان ذلك بإيجاب منا ثم كلامه يشكل بما لو كان ماله دينا على مفلس فأوصي به له فإنه يسقط نصيبه والباقي دين عليه إلى أن يقدر على أدائه ولا وجه لتعيين المستحق بالقرعة لأن تعيين المستحق بمنزلة ابتداء الاستحقاق فإن الاستحقاق في المجهول في حكم العين كأنه غير ثابت فكما أن تعليق ابتداء الاستحقاق بخروج القرعة يكون قمارا فكذلك تعيين المستحق وإنما يجوز استعمال القرعة عندنا فيما يجوز الفعل فيه بغير القرعة كما في القسمة فإن للقاضي أن يعين نصيب كل واحد منهم بغير قرعة فإنما يقرع تطييبا لقلوبهم ونفيا لتهمة الميل عن نفسه وبهذا الطريق كان يقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين نسائه إذا أراد سفرا لأن له أن يسافر بمن شاء منهن بغير قرعة إذ لا حق للمرأة في القسم في حال سفر الزوج وكذلك يونس صلوات الله عليه عرف أنه هو المقصود وكان له أن يلقي نفسه في الماء من غير إقراع ولكنه أقرع كيلا ينسب إلى ما لا يليق بالأنبياء وكذلك زكريا عليه السلام كان أحق بضم مريم إلى نفسه لأن خالتها كانت تحته ولكنه أقرع تطييبا لقلوب الأحبار مع أن تلك كانت معجزة له فقد روى أن أقلامهم كانت من الحديد وكان الشرط أن من طفا قلمه على وجه الماء فهو أحق بها وروي أنه كان من القصب وكان الشرط أن من استقبل قلمه جري الماء ولم يجر مع الماء فهو أحق بها .
بقي اعتمادهم على الحديث ومن أصحابنا من قال هذا الحديث غير صحيح لأن فيه أن الرجل كان له ستة أعبد قيمتهم سواء ولم يكن له معهم شيء آخر وهذا من أندر ما يكون ولو ثبت فيحتمل أن الرجل أوصى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتقهم وفي الحديث دليل عليه لأنه قال فأعتق أثنين منهم وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتق أي الاثنين شاء منهم فأقرع تطييبا لقلوبهم وذكر الجصاص أن معنى قوله فأعتق اثنين أي قدر أثنين منهم وبه نقول فإنا إذا أعتقنا من كل واحد منهم ثلثه فقد أعتقنا قدر أثنين منهم ومعنى قوله فأقرع أي دقق النظر يقال فلان قريع دهره أي دقيق النظر في الأمور ودقق الحساب بأن جعل قدر الرقبتين بينهم أسداسا هذا تأويل الحديث إن صح .
وعن إسماعيل بن خالد عن الشعبي رضي الله تعالى عنهم في رجل أعتق عبدا له عند الموت ولا مال له غيره .
قال عامر قال مسروق هو حر كله جعله لله لا أرده .
وقال شريح يعتق ثلثه ويسعى في الثلثين فقلت لعامر أي القولين أحب إليك قال فتيا مسروق وقضاء شريح