له غيره فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثه واستسعاه في ثلثي قيمته ) وفي هذا دليل أن العتق في المرض يكون وصية وأنه ينفذ من ثلثه وأن معتق البعض يستسعي فيما بقي من قيمته فيكون دليلا لنا على الشافعي رضي الله عنه لأنه لا يرى السعاية على العبد بحال ولكنه يقول يستدام الرق فيما بقي على ما نبينه في مسألة تجزي العتق وذكر عن الحسن البصري أن رجلا أعتق ستة أعبد له عند موته فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتق اثنين ورد أربعة في الرق وبظاهر هذا الحديث يحتج الشافعي رحمه الله تعالى علينا فإن المذهب عندنا أن من أعتق ستة أعبد له في مرضه ولا مال له غيرهم وقيمتهم سواء يعتق من كل واحد منهم ثلثه ويسعى في ثلثي قيمته وعند الشافعي رحمه الله تعالى يجزئهم القاضي ثلاثة أجزاء ثم يقرع بينهم فيعتق اثنين بالقرعة ويرد أربعة في الرق واستدل بهذا الحديث ورجح مذهبه بأن فيه اعتبار النظر من الجانبين لأنه لو أعتق من كل واحد منهم ثلثه تعجل تنفيذ الوصية وتأخر اتصال حق الورثة إليهم بل في هذا إبطال حق الورثة معنى لأن السعاية في معنى التأوى فإن المال في ذمة المفلس يكون تأويا فإذا تعذر تنفيذ الوصية بهذا الطريق وجب جميع العتق في شخصين وتعيين المستحق بالقرعة لأن ذلك أصل في الشرع وكان في شريعة من قبلنا قال الله تعالى ! < إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم > ! 44 .
وقال ! < فساهم فكان من المدحضين > ! 37 .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه والقاضي إذا قسم المال بين الشركاء أقرع بينهم وبهذا تبين أن هذا ليس في معنى القمار لأن في القمار تعليق أصل الاستحقاق بخروج القدح وفي هذا تعيين المستحق فأما أصل الاستحقاق ثابت بإيجاب المعتق ( وحجتنا ) في ذلك أن العبيد استووا في سبب الاستحقاق وذلك موجب للمساواة في الاستحقاق فلا يجوز اعطاء البعض وحرمان البعض كما لو أوصي برقابهم لغيرهم لكل رجل برقبة بل أولى لأن ملك الوصية يحتمل الرجوع من الموصي والرد من الموصى له وهذه الوصية لا تحتمل ذلك فإذا لم يجز حرمان البعض هناك فهنا أولى .
ثم فيما قاله الخصم ضرر الإبطال في حق بعض الموصى لهم وفيما قلنا ضرر التأخير في حق الورثة وضرر التأخير متى قوبل بضرر الإبطال كان ضرر التأخير أهون وإذا لم نجد بدا من نوع ضرر رجحنا أهون الضررين على أعظمهما مع أنه ليس في هذا تعجيل حق الموصى له لأن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى المستسعى مكاتب فلا يعتق شيء منهم ما لم يصل إلى الورثة السعاية وعلى قولهما وإن