( 226 ) لأن الفيء عبارة عن الرجوع يقال فاء الظل إذا رجع وقد رجع عما قصد من الأضرار حين جامعها ولهذا قال بعض الناس ليس عليه كفارة لأن الله تعالى وعده بالرحمة والمغفرة بقوله تعالى ! < فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم > ! 226 ولكنا نقول حكم الكفارة عند الحنث ثابت بقوله تعالى ! < لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان > ! 225 فكفارته الآية .
وإن مضت المدة قبل أن يفيء إليها طلقت تطليقة بائنة عندنا وكان معنى الإيلاء إن مضت أربعة أشهر ولم أجامعك فيها فأنت طالق تطليقة بائنة هكذا نقل عن علي وبن مسعود وبن عباس وبن عمر وعائشة رضوان الله عليهم أجمعين قالوا عزيمة الطلاق مضي المدة .
وعند الشافعي لا يقع الطلاق بمضي المدة ولكنه يوقف بعد المدة حتى يفيء إليها أو يفارقها فإن أبى أن يفعل فرق القاضي بينهما وكان تفريقه تطليقة بائنة والكلام في فصلين ( أحدهما ) أن عنده الفيء بعد مضي المدة لأن الله تعالى قال ! < للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر > ! 226 فبين أن هذه المدة للزوج لا عليه وإنما تكون المدة له إذا كان الأمر موسعا عليه والتضييق بعده فأما إذا كان مطالبا بالجماع في المدة فلا تكون المدة له ثم قال الله تعالى ! < فإن فاؤوا > ! وحرف الفاء للتعقيب عرفنا أن الفيء الذي يؤمر به الزوج بعد مضي المدة وعندنا الفيء في المدة بقراءة بن مسعود رضي الله عنه فإن فاءوا فيهن وقراءته لا تتخلف عن سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم والتقسيم في قوله تعالى ! < وإن عزموا الطلاق > ! 227 دليل على أن الفيء في المدة وعزيمة الطلاق بعده كما في قوله تعالى ! < فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف > ! 231 والإمساك بالمعروف بالمجامعة في المدة والتسريح بالإحسان بتركها حتى تبين بمضي المدة وهذا التربص مشروع للزوج لأن الإيلاء كان طلاقا معجلا فجعل الشرع للزوج فيه مدة أربعة أشهر حتى مكنه من التدارك في المدة وجعل الطلاق مؤخرا إلى ما بعد المدة .
( والفصل الثاني ) أن الفرقة عنده لا تقع إلا بتفريق القاضي بينهما أو بإيقاع الزوج الطلاق لأن الله تعالى قال ! < وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم > ! 227 وهو إشارة إلى أن عزيمة الطلاق بما هو مسموع وذلك بإيقاع الطلاق أو تفريق القاضي والمعنى فيه أن التفريق بينهما لدفع الضرر عنها عند فوت الإمساك بالمعروف فلا يقع إلا بتفريق القاضي كفرقة العنين فإن بعد مضى المدة هناك لا تقع الفرقة إلا بتفريق القاضي بل أولى لأن الزوج هناك معذور وهنا هو ظالم متعنت والقاضي منصوب لإزالة الظلم فيأمره أن يوفيها حقها أو يفارقها فإن أبى ناب عنه في إيقاع الطلاق وهو نظير التفريق بسبب العجز عن النفقة على قوله .
( وحجتنا ) في ذلك قوله تعالى ! < وإن عزموا الطلاق > ! فذكر عزيمة الطلاق