@ 15 @ موجبا للحكم على غيره بيمينه , وفساده لا يخفى على أحد لأن أحدا لا يحلف عن غيره , ولا يوجب الحكم بيمينه على غيره , وتكرارها لقيامها مقام الشهود , وهم أربعة في الزنا فكذا ما قام مقامهم فقرن الشرع الركن في جانبه باللعن لو كان كاذبا وبالغضب في جانبها لو كان صادقا لأن الصادق أحدهما , والقاضي لا يعلم ذلك فكان اللعن في جانبه قائما مقام حد القذف , وفي جانبها صار الغصب قائما مقام حد الزنا لأن الاستشهاد بالله تعالى كاذبا مهلك كالحد فقام مقامه , ولهذا لو قذفها مرارا يكفي لعان واحد كالحد بخلاف ما إذا قذف جماعة من نسائه بكلمة واحدة أو كلمات حيث يلاعن كل واحدة منهن على حدة بخلاف الحد , والفرق أن المقصود يحصل بحد واحد , وهو دفع العار عن المقذوفين , ولا يحصل في اللعان لأنه يتعذر الجمع في كلمات اللعان , وقد يكون صادقا في البعض دون البعض فلا بد من اللعان مع كل واحدة ليحصل المقصود به , وهو التفريق , وثمرة الخلاف بيننا , وبين الشافعي تظهر في هذا أعني في تكرير اللعان , وفي اشتراط أهلية الشهادة فعندنا يشترط , وعنده يشترط أهلية اليمين , وهو أن يكون ممن يملك الطلاق , وهذا القول يؤدي إلى أن اللعان لا يقوم مقام حد القذف لأنه يؤدي إلى أن الإحصان ليس بشرط في المقذوف بل يشترط فيه أهلية اليمين لا غير , واللعان لم يشرع إلا قائما مقام الحد فكان باطلا . قال رحمه الله ( ولو قذف زوجته بالزنا , وصلحا شاهدين وهي ممن يحد قاذفها أو نفى نسب الولد , وطالبته بموجب القذف وجب اللعان ) قيد القذف بالزنا لأنه لو قذفها بغيره لا يجب اللعان لأنه قائم مقام الحد فلا يجب إلا بما يجب به الحد , وكان الموجب الأصلي الحد لقوله تعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم } الآية , ولما روي عن ابن مسعود أنه قال { كنا جلوسا في المسجد ليلة الجمعة إذ دخل أنصاري فقال يا رسول الله أرأيتم الرجل يجد مع زوجته رجلا فإن قتل قتلتموه , وإن تكلم جلدتموه , وإن سكت سكت على غيظ ثم قال اللهم افتح فنزلت آية اللعان } { , وقال عليه الصلاة والسلام لهلال حين قذف امرأته : ائت بأربعة يشهدون على صدق مقالتك , وإلا فحد على ظهرك } فقالت الصحابة رضي الله عنهم الآن يحد هلال بن أمية فتبطل شهادته في المسلمين فثبت بهذا أن موجبه كان الحد ثم انتسخ في حق الزوجات باللعان , واستقر عليه , وعند الشافعي موجبه الحد , ولكن يتمكن من إسقاطه باللعان , وقوله , وصلحا شاهدين أي الزوجان لأن الركن فيه الشهادة لما مر والشرط أن يكون أهلا للأداء , وقال في الغاية يبطل هذا بلعان الأعمى فإنه ليس من أهل الأداء , وهذا غلط لأن الأعمى من أهل الشهادة إلا أن شهادته لا تقبل لأنه لا يميز بين المشهود له والمشهود عليه , ولهذا ينعقد النكاح بحضوره ذكره في شرح الطحاوي , وشرح الجامع الصغير لقاضي خان , وتشترط صلاحيتهما للشهادة على المسلم حتى لا يجري اللعان بين الكافرين , ولا بين كافر ومسلم , وإن صلح شاهدا على مثله على ما يأتي بيانه من قريب , والمرأة ممن يحد قاذفها لأن اللعان قائم مقام حد القذف في حقه فلا بد من إحصانها , وذكر في النهاية فائدة تخصيص المرأة بكونها ممن يحد قاذفها , وإن كان هذا أيضا في حق الرجل كذلك حتى لو كان ممن لا يحد قاذفه وهي محصنة لا يجري اللعان بينهما إلا أنه إذا كان منها لا يجب شيء , وإن كان منه يجب عليه الأصل , وهو حد القذف فلا يخلو عن موجب ما إذا كان منه إما الأصل أو الخلف فكان فائدة تخصيص المرأة عدم وجوب شيء ما وهذا الذي ذكره خطأ فاحش لأن من شرط اللعان أن يكونا من أهل الشهادة لأنه شهادة عندنا على ما تقدم , وكونه ممن لا يحد قاذفه لا يخل بهذا الشرط لأن من لا يحد قاذفه , وهو الزاني أهل للشهادة , وإنما زناه فسق منه , والفاسق أهل لها , ولهذا يجري اللعان بين فاسقين وإنما يشترط ذلك في حقها لتثبت عفتها لأن حد القذف لا يجب إلا إذا كان المقذوف عفيفا عن فعل الزنا فكذا اللعان لأنه قائم مقامه , وهذا لأن من شرط اللعان أن تطالب المرأة بموجب القذف , وهو الحد , وإذا لم تكن عفيفة ليس لها أن تطالب به لفوات شرطه فلا يتصور اللعان , ولم يوجد في حقه هذا المعنى فلأي معنى يمتنع , وقوله أو نفى نسب الولد , وقال القدوري أو نفى نسب ولدها , وهو المراد بالأول , وفي الغاية أو نفى نسب ولدها المولود على فراشه , وهذا التقييد لا يفيد لأنه لو نفى نسب ولدها من