@ 13 @ يقدر على التحرير أو الصيام فيقعان بعده , والنهي لغيره لا يعدم المشروعية , ولا يقتضي الفساد . قال رحمه الله ( ولو أطعم عن ظهارين ستين فقيرا كل فقير صاع صح عن واحد , وعن إفطار وظهار صح عنهما ) وقال محمد صح في الظهارين أيضا عنهما لأن في المؤدى وفاء بهما , والفقير مصرف لهما فصار كما لو ملكه بدفعتين أو اختلف جنس الكفارة لهما أنه زاد في قدر الواجب , ونقص عن المحل فلا يجوز إلا بقدر المحل كما لو أعطى ثلاثين مسكينا عن ظهار واحد كل واحد منهم صاعا لأن الواجب عليه في الواحدة إطعام ستين , وفي كفارتين إطعام مائة وعشرين فقيرا فإذا نقص عنه لا يجوز , والفقه فيه أن النية في الجنس الواحد لغو لأنها شرعت لتمييز الأجناس المختلفة لاختلاف الأغراض فيها فلا يحتاج إليها في الجنس الواحد لعدم الفائدة , والتصرف إذا لم يصادف محله يلغو فإذا لغت نية العدد بقيت نية مطلق الظهار , والمؤدى يصلح كفارة واحدة لأن التقدير بنصف الصاع لمنع النقصان فلا يمنع الزيادة فصار كما إذا نوى أصل الكفارة , ولم يزد عليه بخلاف ما إذا فرق الدفع أو كانتا جنسين لما بينا . قال رحمه الله ( ولو حرر عبدين عن ظهارين , ولم يعين صح عنهما , ومثله الصيام والإطعام ) أي لو أعتق رقبتين عن كفارتي ظهار أو صام عنهما أربعة أشهر أو أطعم مائة وعشرين مسكينا لا ينوي إحداهما بعينها جاز لأن الجنس متحد فلا حاجة إلى نية التعيين على ما مر . قال رحمه الله ( وإن حرر عنهما رقبة أو صام شهرين صح عن واحد , وعن ظهار , وقتل لا ) أي لو أعتق رقبة واحدة عن ظهارين أو صام عنهما شهرين جاز , وكان له أن يجعل ذلك عن أيهما شاء , وإن أعتق رقبة مؤمنة عن ظهار وقتل لم يجز عن واحد منهما , وإن كانت كافرة جاز عن الظهار استحسانا لأن الكافرة لا تصلح لكفارة القتل فتعينت للظهار , وقال زفر لا يجزيه عن واحد منهما في كفارتي ظهار أيضا , وقال الشافعي رحمه الله له أن يجعل عن إحداهما في الفصلين لأن الكفارات كلها عنده جنس واحد لاتحاد المقصود , وهو الستر , ولهذا حمل المطلق في إحداهما على المقيد في الأخرى ولزفر أنه أعتق عن كل واحدة منهما نصف العبد فلغا , ولا قدرة له بعد ذلك أن يجعله عن إحداهما لخروج الأمر من يده , والقياس ما قاله زفر رحمه الله وجه الاستحسان أن نية التعيين في الجنس المتحد لغو وفي المختلف مفيد على ما تقدم فإذا لغا بقي مطلق النية فله أن يعين أيهما شاء كما لو أطلقه في الابتداء ألا ترى أنه لو نوى قضاء يومين من رمضان يجزيه عن يوم واحد ولو نوى عن القضاء والنذر أو عن القضاء والكفارة لا يجزيه عن واحد منهما , ويعرف اختلاف الجنس في الحكم باختلاف السبب , والصلوات كلها من قبيل المختلف حتى الظهرين من يومين أو العصرين من يومين لأن وقت الظهر من يوم غير وقت الظهر من يوم آخر حقيقة وحكما أما حقيقة فظاهر , وكذا حكما لأن الخطاب لم يتعلق بوقت يجمعهما بل بدلوك الشمس , والدلوك في يوم غير الدلوك في يوم آخر بخلاف صوم رمضان لأنه معلق بشهود الشهر , وهو واحد لأنه عبارة عن ثلاثين يوما بلياليها فلأجل ذلك لا يحتاج فيه إلى تعيين صوم يوم السبت مثلا أو يوم الأحد حتى لو كان عليه قضاء يومين من رمضانين يشترط التعيين عن أحدهما ولو نوى ظهرا وعصرا أو نوى ظهرا وصلاة جنازة لم يكن شارعا في واحد منهما للتنافي , وعدم الرجحان ولو نوى ظهرا أو نفلا لم يكن شارعا أصلا عند محمد لأنهما يتنافيان , وعند أبي يوسف يقع عن الظهر لأنه أقوى , وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله ولو نوى صوم القضاء والنفل أو الزكاة والتطوع أو الحج المنذور والتطوع يكون تطوعا عند محمد لأنهما بطلتا بالتعارض فبقي مطلق النية فصار نفلا وعند أبي يوسف يقع عن الأقوى ترجيحا له عند التعارض , وهو الفرض أو الواجب ولو نوى حجة الإسلام والتطوع فهو حجة الإسلام اتفاقا فأما عند أبي يوسف فظاهر , وأما عند محمد فلأن الجهتين بطلتا بالتعارض فبقي مطلق النية , وبه تتأدى حجة الإسلام , والله أعلم .