@ 147 @ رجع عليها بالنصف ) معنى هذا الكلام أنه تزوجها على ألف درهم المهر فقبضتها كلها ثم وهبت المقبوض كله للزوج وهو ألف درهم ثم طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بنصف المهر المقبوض وهو خمسمائة درهم لأنه يجب عليها أن ترد نصف المهر بالطلاق قبل الدخول ولم يصل إليه بالهبة عين ما يستحقه لأن الدراهم لا تتعين في العقد فكذا في الفسخ لأن الفسخ يرد على عين ما ورد عليه العقد وكذا إذا كان المهر مكيلا أو موزونا آخر في الذمة لعدم تعينها قال رحمه الله ( فإن لم تقبض الألف أو قبضت النصف ووهبت الألف أو وهبت العرض المهر قبل القبض أو بعده فطلقت قبل الوطء لم يرجع عليها بشيء ) هذه جملة تضمنت ثلاثة فصول الأول فيما إذا لم تقبض من المهر شيئا فأبرأته من جميعه وهو ألف فالحكم فيه أنه لا يرجع عليها بشيء والقياس أن يرجع عليها بنصف الألف وهو قول زفر لأنه برئت ذمته بالإبراء أو بالهبة ولم تبرأ بالطلاق قبل الدخول وهو يستحق البراءة به عن نصف الصداق فيرجع عليها بما يستحق وهذا لما عرف أن اختلاف السبب بمنزلة اختلاف العين فكأنها وهبته عينا أخرى غير المهر ولهذا لو قال لرجل وهبتني جاريتك فقال المولى لا بل زوجتكها لا يحل له وطؤها وإن اتفقا على حله لما قلنا فصار كما لو وهب المريض عبدا لأحد ابنيه وسلمه إليه ثم وهبه الموهوب له لأخيه ثم مات المريض فإن الأخ الواهب يضمن لأخيه نصف قيمته وإن سلم له جميع العبد لكونه لم يحصل له النصف بجهة الإرث فكذا هذا وجه الاستحسان أنه وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول وهو براءة ذمته من نصف المهر فلا يبالى باختلاف السبب عند حصول المقصود نظيره باع بيعا فاسدا وقبض المشتري المبيع ثم وهبه للبائع لا يضمن قيمته لحصول المقصود ولا اعتبار باختلاف السبب بخلاف ما لو وصل إليه المبيع من جهة غير المشتري حيث لا يبرأ المشتري من الضمان لأنه لم يصل إليه من الجهة المستحقة وهي جهة المشتري وكذا في هبة المريض لم يصل إليه من جهة أبيه وهي الجهة المستحقة له وإنما وصل إليه من جهة أخيه بخلاف ما لو اشترى جارية من رجل وهي في يد ثالث يدعي أنها ملكه ونقد الثمن ثم وصلت إليه من ذي اليد بسبب من الأسباب حيث لا يرجع بالثمن على البائع لأنه يعتقد بطلان تصرف ذي اليد ويدعي حصولها له بالشراء من البائع والجواب عن مسألة الجارية أن الأحكام مختلفة ولم يثبت ما ادعاه واحد منهما لإنكاره الآخر وعدم الحجة فلا يثبت الحل والفصل الثاني فيما إذا قبضت نصف المهر ثم وهبت للزوج جميع المهر المقبوض وغيره ثم طلقها قبل الدخول بها فالحكم فيه أنه لا يرجع عليها بشيء عند أبي حنيفة وقالا يرجع عليها بنصف المقبوض لأنها لو قبضت الكل كأن يرجع عليها بنصفه فكذا إذا قبضت النصف يرجع عليها بنصف المقبوض اعتبارا للجزء بالكل ولأنها لو لم تقبض شيئا لا يرجع عليها بشيء ولو قبضت الكل يرجع عليها بنصفه فيتنصف فيجب عليها نصف النصف اعتبارا للبعض بالكل ولأن هبة ما في الذمة حط وهو يلتحق بأصل العقد ويخرج من أن يكون مهرا فكان المقبوض هو كل المهر حكما ولأبي حنيفة أن مقصود الزوج بالطلاق قبل الدخول سلامة نصف المهر بغير عوض وقد حصل له فلا يستوجب الرجوع عليها والحط لا يلتحق بأصل العقد في النكاح ألا ترى أنه يجوز وإن بقي أقل من عشرة دراهم ولو كان يلتحق بأصل