@ 86 @ الحج بنفسه كالفدية في حق الشيخ الفاني أقيم مقام الصوم والصحيح الأول ولهذا لا يسقط به الفرض عن المأمور وهو الحاج قال رحمه الله ( ومن أحرم عن آمريه ضمن النفقة ) ومعناه أن رجلا أمره رجلان أن يحج عن كل واحد منهما حجة فأهل بحجة عنهما فهي عن الحاج ويضمن النفقة لأنه خالفهما والمسألة على ثلاثة أوجه إما أن يكون أحرم عنهما جميعا أو عن أحدهما غير عين أو أطلق فإن نواهما جميعا وهي مسألة الكتاب فقد خالفهما لأن كل واحد منهما أمره أن يخلص له الحج وأن ينويه بعينه عند الإحرام فإن لم يفعل صار مخالفا ولا يكون عن أحدهما إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر فوقع عن المأمور ولا يمكنه أن يجعله عن أحدهما بعد ذلك لأنه قد وقع عن نفسه فلا يقدر على جعله لغيره بخلاف ما إذا أدى الحج عن أبويه فإن له أن يجعله عن أحدهما بعد ذلك لأنه غير مأمور بالحج عنهما ومن حج عن غيره بغير أمره لا يكون حاجا عنه بل يكون جاعلا ثواب حجه له ونيته عنهما لغو لأن الحجة الواحدة لا تكون عن اثنين فبقي له أصل الحج وهو سبب الثواب فله أن يجعله لأحدهما أو لهما ولا كذلك إذا أمر بالحج لأن المأمور به إيقاع حجة لكل واحد منهما فإذا أحرم عنهما فقد خالف فيضمن النفقة لهما إن أنفق من مالهما للتعدي وإن نوى أحدهما غير عين فإن مضى على ذلك صار مخالفا بالاتفاق لأن أحدهما ليس بأولى من الآخر وإن عين أحدهما قبل المضي أي قبل الطواف والوقوف جاز استحسانا عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف وقع ذلك عن نفسه بلا توقف وضمن نفقتهما وهو القياس لأن كل واحد منهما أمره بتعيين الحج له فإذا لم يعين فقد خالف فيضمن النفقة كما إذا وكله رجلان بأن يشتري لكل واحد منهما عبدا فاشترى عبدا لأحدهما لا يلزم واحدا منهما بل يلزم الوكيل بخلاف ما إذا أحرم عنهما ولم يعين حجة ولا عمرة فإنه يصح وله أن يعين أيهما شاء لأنه التزام الحق لمعلوم وهو الله تعالى وإنما المجهول الملتزم وفيما نحن فيه من له الحق مجهول نظيره إذا أقر بمعلوم لمجهول لا يصح وإذا أقر بمجهول لمعلوم صح ولا يلزم الحج عن أبويه حيث كان له أن يجعله عن أيهما شاء لأنه غير مأمور من جهتهم وقد بينا أن من حج عن غيره إنما يجعل ثوابه له وذلك بعد الفراغ منه وجه قولهما وهو الاستحسان أن هذا إبهام في الإحرام والإحرام ليس بمقصود وإنما هو وسيلة إلى الأفعال والمبهم يصلح وسيلة بواسطة التعيين فاكتفى به شرطا كما في الإحرام المبهم على ما مر بخلاف ما إذا أدى الأفعال على الإبهام ثم عينه لأحدهما حيث لا يصح بالإجماع لأن المؤدي لا يحتمل التعيين فصار مخالفا وإن أطلق بأن سكت عن ذكر المحجوج عنه معينا ومبهما قال في الكافي لا نص فيه وينبغي أن يصح التعيين هنا إجماعا لعدم المخالفة قال رحمه الله ( ودم الإحصار على الآمر ودم القران ودم الجناية على المأمور ) لأن دم الإحصار مؤنة لأنه هو الذي أدخله في هذه العهدة فيجب عليه تخليصه ودم القران وجب شكرا لما وفقه الله من الجمع بين النسكين والمأمور هو المختص بهذه النعمة لأن حقيقة الفعل منه ولأنه نسك ابتداء وسائر المناسك عليه فكذا هذا وصورة المسألة فيما إذا أمره واحد بالقران أو أمره اثنان أحدهما بالحج والآخر بالعمرة وأذنا له بالقران وأما إذا فعل ذلك بغير إذن فقد صار