@ 51 @ ما يجيء قال رحمه الله ( ولو أفسدها فأقام بمكة وقضى وحج لا إلا أن يعود إلى أهله ) يعني لو أفسد الكوفي عمرته أقام بمكة وقضاها وحج من عامه ذلك لا يكون متمتعا لأن سفره انتهى بالفاسد وصارت عمرته الصحيحة مكية ولا تمتع لأهل مكة وقوله إلا أن يعود إلى أهله يعني يعود إلى أهله بعد ما مضى في الفاسد وبعد ما حل منه ثم قضاها وحج من عامه ذلك فإنه يكون متمتعا لأن عمرته ميقاتية وحجته مكية وهو من أهل الآفاق فيكون متمتعا ضرورة ولو خرج إلى البصرة ولم يرجع إلى أهله فقضاها لم يكن متمتعا عند أبي حنيفة وعندهما يكون متمتعا لأنه أنشأ سفرا وقد ترفق فيه بنسكين وهذا لأنه لما وصل إلى موضع لأهله التمتع فقد ألحق بهم فصار كأهل ذلك المكان بخلاف ما إذا لم يخرج من مكة لأنه صار من أهلها وليس لهم تمتع فكذا هو ولأبي حنيفة أنه باق على السفر الأول ما لم يرجع إلى وطنه وقد انتهى بالفاسد ولم ينشئ سفرا آخر غيره فصار الحاصل أن عنده الخروج من الميقات من غير أن يعود إلى أهله كالإقامة بمكة وعندهما كالرجوع إلى وطنه وهذا يؤيد ما ذكره الطحاوي من حيث إن خارج الميقات له حكم الوطن وذكر شيخ الإسلام أن هذا إذا خرج من الميقات في أشهر الحج فأما إذا خرج منه قبل أشهر الحج ثم قضى العمرة في أشهر الحج وحج من عامه ذلك يكون متمتعا بالإجماع قال رحمه الله ( وأيهما أفسد مضى فيه ولا دم عليه ) يعني الكوفي إذا قدم بعمرة ثم حج من عامه ذلك فأيهما أفسده مضى فيه لأنه لا يمكنه الخروج عن عهدة الإحرام إلا بالأفعال وسقط عنه دم التمتع لأنه لم يترفق بأداء نسكين صحيحين في سفر واحد قال رحمه الله ( ولو تمتع وضحى لم يجزئ عن المتعة ) لأنه أتى بغير ما عليه لأن دم التمتع غير الأضحية فلا ينوب أحدهما عن الآخر ولو تحلل يجب عليه دمان دم المتعة ودم التحلل قبل الذبح على ما بينا في القران وذكر المسألة في الجامع الصغير وأوردها في المرأة لأن الجهل عليهن أغلب أو لأنها واقعة امرأة فنقلها أبو يوسف لمحمد كما سمعها من أبي حنيفة وكذا محمد رحمه الله نقلها كما سمعها من أبي يوسف قال رحمه الله ( ولو حاضت عند الإحرام أتت بغير الطواف ) لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة حين حاضت بسرف افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري + ( متفق عليه ) + ولأن الطواف في المسجد وهي ممنوعة من دخوله وما عداه من أفعال الحج من الوقوفين ورمي الجمار والسعي في المفازة فلا يمتنع بسبب الحيض وقد ذكرنا أنها تغتسل في أول باب الإحرام قال رحمه الله ( لو عند الصدر تركته كمن أقام بمكة ) أي لو فعلت جميع أفعال الحج غير طواف الصدر فحاضت عنده تركت طواف الصدر كما يتركه من أقام بمكة ولا شيء عليه لتركه لقول ابن عباس إنه صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض + ( متفق عليه ) + وذكرت عائشة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن صفية بنت حيي حاضت بعد ما طافت بعد الإفاضة فقال فلتنفر إذا + ( متفق عليه ) + ولو طهرت قبل أن تخرج من مكة يلزمها طواف الصدر لأنها صارت من أهله في وقته وإن جاوزت بيوت مكة ثم طهرت فليس عليها أن تعود وكذا لو انقطع دمها فلم تغتسل ولم يذهب وقت الصلاة حتى خرجت من مكة لم يلزمها العود لأنه لم يثبت لها أحكام الطهارات في وقت الطواف ولهذا لم تلزمها الصلاة وإن اغتسلت ثم رجعت إلى مكة قبل أن تجاوز الميقات فعليها الطواف والنفساء كالحائض وأما من أقام بمكة فإن كانت نيته الإقامة قبل أن يحل النفر الأول يسقط بالإجماع لأنه صار من أهل مكة قبل الوجوب وإن كان بعد ما حل النفر الأول لا يسقط عند أبي حنيفة ومحمد لأنه وجب عليه بدخول وقته فلا يسقط بعزيمته كمن أصبح مقيما لا يحل له أن يفطر في ذلك اليوم بالسفر وقال أبو يوسف سقط عنه ولا يلزمه إلا إذا شرع فيه ثم نوى الإقامة لأن طواف الصدر لا يصير دينا في الذمة ألا ترى أنه يسقط بالحيض قبل الخروج من مكة ولو كان دينا لما سقط كالصلاة بعد ما خرج وقتها لا تسقط بالحيض وقبل الخروج تسقط لعدم الوجوب في الذمة والله سبحانه أعلم