@ 340 @ والمسافر إذا قدم وقال الشافعي لا يمسك إلا من كان أهلا للصوم في أوله كالمفطر عمدا أو خطأ بأن تسحر وهو يظن أن الفجر لم يطلع أو أفطر وهو يظن أن الشمس قد غربت فإذا الفجر طالع والشمس لم تغرب لأن الإمساك تشبها خلف عن الصوم فلا يجب إلا على من يجب عليه الأصل ألا ترى أن الحائض والنفساء والمسافر والمريض لا يجب عليهم الإمساك لما قلنا فكذا هذا ونحن نقول الإمساك أصل وليس بخلف عن الصوم وإنما لا يجب على من ذكرهم لأن المانع من التشبه قد تحقق فيهم كما تحقق في حق الصوم في حقهم قال رحمه الله ( ولو نوى المسافر الإفطار ثم قدم ونوى الصوم في وقته صح ) أي في وقت النية وهو قبل أن ينتصف النهار لأن السفر لا ينافي أهلية الصوم وجوبا وأداء وإنما هو مرخص فقط فإذا زال التحق بالمقيم لانعدام المرخص ولا فرق في هذا بين أن يكون الصوم فرضا أو نفلا ولهذا قال صح لأنهما لا يختلفان في الصحة وإنما يختلفان في اللزوم حتى يلزمه أن ينوي إذا كان ذلك في رمضان لأن السفر لا ينافي وجوب الصوم ألا ترى أنه لو نوى الصوم وهو مسافر في رمضان لا يجوز له أن يفطر في ذلك اليوم فهذا أولى غير أنه لا تجب عليه الكفارة في المسألتين لوجود الشبهة وهو السفر في أوله أو آخره كما يسقط الحد بالنكاح الفاسد للشهبة قال رحمه الله ( ويقضي بإغماء سوى يوم حدث في ليلته ) أي يقضي إذا فاته الصوم بسبب الإغماء لأنه نوع مرض لا يزيل الحجا ويضعف القوى فلا ينافي في الوجوب ولا الأداء ولا يقضي يوما حدث في ليلته الإغماء لوجود الصوم فيه إذ الظاهر أنه ينوي من الليل حملا لحال المسلم على الصلاح حتى لو كان متهتكا يعتاد الأكل في نهار رمضان أو مسافرا قضاه كله لعدم ما يدل على وجود النية وإن أغمي عليه رمضان كله قضاه كله إلا أول يوم منه لما قلنا وإن كان الإغماء حدث في شعبان قضاه كله لعدم النية قال رحمه الله ( وبجنون غير ممتد ) أي يقضي إذا فاته بجنون غير ممتد وهو أن يكون جنونه غير مستوعب لشهر رمضان والممتد المستوعب له فلا يجب عليه القضاء لأنه يلحقه الحرج به وهو مدفوع وقال مالك يلزمه القضاء اعتبارا بالإغماء والحجة عليه ما ذكرنا من الحرج لا سيما إذا توالى عليه سنين بخلاف الإغماء لأن امتداده نادر فلا يعتبر وإن كان غير مستوعب يجب عليه القضاء لأنه لا يحرج والسبب قد تحقق والأهلية بالذمة فأمكن القول بوجوبه وقال زفر والشافعي لا يجب عليه القضاء لأنه فرع على وجوب الأداء وهو منتف لعدم الأهلية فكذا ما يبنى عليه ونحن لا نسلم أن القضاء يترتب على وجوب الأداء بل يجب في الذمة بوجود السبب وجب أداؤه أو لم يجب ألا ترى أن النائم يجب عليه القضاء وهو مرفوع عنه القلم في حق الأداء وكذا المسافر يجب عليه القضاء دون الأداء وهذا لأن نفس الوجوب في الذمة بوجود السبب ووجوب الأداء بالمطالبة فإذا وجب عليه لا يطالب بالأداء إلا إذا كان قادرا عليه وذلك بالعقل المميز ونفس الوجوب في الذمة فيشترط أن تكون الذمة صالحة للوجوب وبنو آدم ذمتهم صالحة له ألا ترى أنه لا يجب عليه حقوق العباد إذا وجد منه سببه ثم يؤخر عنه الأداء إلى وجود القدرة فكذا هذا ثم لا فرق بين الجنون الأصلي والعارضي وعن محمد أنه فرق بينهما فألحق الأصلي بالصبا واختاره بعض المتأخرين اعلم أن الأعذار أربعة أقسام ما لا يمتد غالبا كالنوم فلا يسقط به شيء