أما على قول من لا يرى الملك بالقبض في الهبة الفاسدة فظاهر وما على قول من يرى الملك فلأن المقبوض في حكم الهبة الفاسدة مضمون على ما تقرر فإذا كان مضمونا بالقيمة بعد الهلاك كان مستحق الرد قبل الهلاك فيملك الرجوع والاسترداد انتهى .
قوله ( وتعقبه في الشرنبلالية ) حيث قال قوله وأما على قول من يرى الملك فلأن المقبوض بحكم الهبة الفاسدة مضمون الخ هذا غير ظاهر لأن قوله فلأن المقبوض بحكم الهبة الفاسدة مضمون لا يكون متجها إلا على القول بعدم الملك وإلا فكيف يكون مالكا وضامنا انتهى .
ونظر فيه الشيخ شاهين بأن المقبوض في البيع الفاسد مملوك بالقبض مضمون بقيمته فلا يبعد كون الشخص مالكا وضامنا فكان الجواب مستقيما وكان القول بالضمان متجها حتى على قول من قال يملك الموهوب فاسدا ا ه .
ذكره أبو السعود وفيه أن هذا قياس مع الفارق فإن المبيع فاسدا مقبوض في عقد معاوضة فلا بد من العوض وقد ألغينا الثمن لعدم الصحة .
وأوجبنا القيمة عوضا وإلا لزم أخذ ما عقد للمعاوضة بلا عوض .
أما المقبوض في الهبة الفاسدة فهو مقبوض بغير عوض أصلا وقد قال القائل بالملك فيها والملك في الموهوب بلا عوض .
أما لو نظرنا إلى كونه ملكا خبيثا كما قال المؤلف في شرح الملتقى وقيل يملكه بالقبض لكنه ملك خبيث وبه يفتى .
قهستاني عن المضمرات يكون موجبه التصدق بقيمته هالكا كما قيل به في نظائره فليتأمل .
ويتفرع على القول بثبوت الملك بالقبض في الهبة الفاسدة ما في البحر عن الإسعاف من أنه إذا وقف الأرض التي وهبت له هبة فاسدة صح وعليه قيمتها انتهى .
وهذا يؤيد ما ذكره الشيخ شاهين تبعا للإمامين الأسروشني والعمادي .
وفي أبي السعود عن القهستاني وكما لا يمنع الرجوع في الهبة الفاسدة القرابة فكذا غيرها من الموانع انتهى .
ويؤيد ذلك أيضا ما قدمناه عن الخيرية ونور العين فلا تنسه .
قوله ( من تمام القبض ) أي كون القبض تاما .
قوله ( لا طارىء ) بالهمز لأنه حدث بعد وجود القبض وتمام الهبة فلا يؤثر شيئا .
أقول ومنه لو وهب دارا في مرضه وليس له سواها ثم مات ولم تجز الورثة الهبة بقيت الهبة في ثلثها وتبطل في الثلثين كما صرح به في الخانية .
قوله كأن يرجع في بعضها شائعا فإنه لا يفسدها اتفاقا ونظيره ما قالوا إن الردة لا تبطل التيمم لأن الإسلام شرط لوجود النية التي هي شرط لصحة التيمم فإذا صح التيمم بوجود شرطه وهو النية من المسلم ثم طرأ عليه الكفر بعد ذلك والعياذ بالله تعالى لم يبطل تيممه لأنه قد تم بوجود شرطه .
وكذلك هنا الشائع لا تصح هبته لفقد شرطه وهو القبض الكامل فإذا وهب غير الشائع وتمت الهبة بقبضه الكامل ثم طرأ عليه الشيوع بعد استيفاء شرطه ولم يبق إلا مجرد الملك للموهوب في الهبة والشيوع لا ينافي الملك كما أن الكفر لا ينافي رفع الحدث فكما أن التيمم لا يبطل بالردة كذلك الهبة لا تبطل بطرو الشيوع بعد تمامها .
قوله ( حتى لو وهب الخ ) وهذا بخلاف ما إذا وهب دارا بمتاعها وسلمها فاستحق المتاع صحت في الدار إذ بالاستحقاق ظهر أن يده في المتاع كانت يد غصب وقد تقدم أن الهبة المشغولة بملك الغير تصح بخلاف المشغولة بملك الواهب وإنما بطلت الهبة في مسألتنا وخالفت مسألة الدار والمتاع لأن الزرع مع الأرض بحكم الاتصال كشيء واحد فإذا استحق أحدهما صار كأنه استحق البعض الشائع فيما يحتمل القسمة فتبطل الهبة