قوله ( لأن الشيء لا يتضمن ما فوقه ) والإجارة أقوى للزومها .
وأما الرهن فإنه إيفاء لدينه عند الهلاك أو الاستهلاك وليس له أن يوفي دينه من مال الغير بغير إذنه .
قوله ( لا تؤجر ولا ترهن ) للعلة المذكورة وهي أن الإعارة دون الإجارة والرهن والشيء لا يتضمن ما فوقه .
درر .
لأن الإجارة لازمة والرهن إيفاء أي فيه إيفاء الدين بها من وجه فهو تمليك لها والعارية لا تمليك فيها وهذا بغير إذن المالك كما يأتي أما به فيصح ولأنها غير لازمة في الأصل والإجارة لازمة فلو ملك المستعير أن يؤجر العارية لوقت إجارته إما لازمة أو غير لازمة فإن وقعت غير لازمة يلزم عدم لزوم الإجارة وهو خلاف موضوعها وإن وقعت لازمة يلزم لزوم العارية وهو خلاف موضوعها وذلك لأن الإجارة إذا لزمت تصير العارية لازمة لعدم إمكان الاسترداد فيها ولا ترهن العارية أيضا لأنها غير لازمة والرهن .
لازم فلو جاز للمسنعير أن يرهن العارية لزم لزوم ما لا يلزم وهو العارية أو عدم لزوم ما لا يلزم وهو الرهن ذكره الشمني .
قوله ( ولا تودع ) أي كما أن الوديعة لا تتضمن ما فوقها كذلك لا تتضمن مثلها .
قوله ( ولا تعار ) لأن العارية أقوى لأن فيها تمليك المنافع لأن المودع لا يملك الانتفاع والمعار يملكه .
قوله ( بخلاف العارية ) أي فإنها تودع وتعار أي مطلقا عند الإطلاق .
أما عند التقييد بمستعمل فليس له أن يعير إلا إذا كان الاستعمال لا يختلف كالسكنى والحمل والزراعة وإن شرط أن ينتفع هو بنفسه لأن التقييد فيما لا يختلف غير مفيد كما في شرح المجمع .
قال المصنف في شرحه واختلفوا في إيداع المستعير .
قال بعض المشايخ ليس له أن يودع مطلقا منهم الكرخي واستدلوا عليه بمسألة ذكرها في الجامع أن المستعير إذا بعث العارية إلى صاحبها على يد أجنبي فهلكت في يد الرسول ضمن المستعير العارية وليس ذلك إلا إيداعا منه .
قال الباقلاني هذا القول أصح لأن الإيداع تصرف في ملك الغير وهو العين بغير إذنه قصدا فلا يجوز بخلاف الإعارة لأنه تصرف في المنفعة قصدا وتسليم العين من ضروراته فافترقا .
وأكثرهم على أنه يجوز منهم مشايخ العراق وأبو الليث والشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل والصدر الكبير برهان الأئمة لأن الإيداع دون الإعارة والعين وديعة عند المستعير في العارية فإذا ملك الأعلى فالأولى أن يملك الأدنى .
قال ظهير الدين المرغيناني وعليه الفتوى اه .
وجعل الفتوى على هذا في السراجية أيضا .
وفي الصيرفية أن القول بأن العارية تودع أو لا تودع محله ما إذا كان المستعير يملك الإعارة أما فيما لا يملكها لا يملك الإيداع والله تعالى أعلم .
أقول ومن الصور التي لا تملك فيها الإعارة ما لو انتهت مدتها وهو ما ذكره المصنف .
ومنها ما لو عين المعير للمستعير أن لا يعير فيما يختلف بالاستعمال كركوب الدابة ولبس الثوب لأنهما يختلفان باختلاف المستعملين كما سيذكره المصنف .
قوله ( وأما المستأجر ) بفتح الجيم فيؤجر أي من غير مؤجره فلا تجوز وإن تخلل ثالث به يفتى للزوم تمليك المالك ولا يؤجره بأكثر مما استأجره أطلقه وهو مقيد بما لا يختلف الناس بالانتفاع به .
قال في البزازية إعارة المستأجر تجوز إلا في شيئين استأجرها ليركبها بنفسه ليس له إركاب غيره لا ببدل ولا مجانا وكذا لو استأجره ليلبسه ليس له الإعارة ولا الإجارة لغيره لأنهما يختلفان باختلاف المستعملين حتى لو استأجر دابة للركوب مطلقا يقع على أول ما يوجد فإن ركب أو أركب تعين وليس له غيره بعد انتهى .