وكذلك عن دعوى حق الشرب ووضع جذوع فإنه دعوى حق لا يجوز الاعتياض عنه إذ لا يجوز بيع الشرب ولا بيع حق وضع الجذوع .
قوله ( وحق الشفعة ) معطوف على حق الشرب أي يجوز الصلح عن دعوى حق الشفعة لدفع اليمين .
أما الصلح عن حق الشفعة الثابت فلا يجوز لما مر أنه غير مال فلا يجوز الاعتياض عنه .
قوله ( وحق وضع الجذوع على الأصح ) لما علمت من أنه يجوز الصلح عما ذكر في حق سقوط الدعوى ولا يلزم من صحة الصلح لزوم البدل لما مر أن الصلح عن الشفعة إلى آخر ما قدمناه قريبا .
قال الزيلعي ولو كان لرجل ظلة أو كنيف على طريق العامة فخاصمه رجل على نقضه فصالحه على شيء كان الصلح باطلا لأن الحق في طريق النافذ لجماعة المسلمين فلا يجوز أن يصالح واحد على الانفراد وبخلاف ما إذا صالح الإمام عنه على مال حيث يجوز لأن للإمام ولاية عامة وله أن يتصرف في مصالحهم فإذا رأى في ذلك مصلحة ينفذ لأن الاعتياض من المشترك العام جائز من الإمام ولهذا لو باع شيئا من بيت المال صح بيعه وبخلاف ما إذا كان ذلك في طريق غير نافذ فصالحه رجل من أهل الطريق حيث يجوز في حقه لأن الطريق مملوكة لأهلها فيظهر في حق الأفراد والصلح معه مفيد لأنه يسقط به حقه ثم يتوصل إلى تحصيل رضا الباقين فيجوز .
ا ه .
قوله ( في أي حق كان ) ولو كان مما لا يقبل الاعتياض عنه .
قوله ( حتى في دعوى التعزير ) بأن ادعى أنه كفره أو ضلله أو رماه بسوء ونحوه حتى توجهت عليه اليمين فافتداها بدراهم فإنه يجوز على الأصح .
منح .
وهذا يدل على أنه يستحلف في دعوى التعزير .
قوله ( مجتبى ) قال في بعد أن رمز سنج صالح عن دعوى حق الشرب وحق الشفعة أو حق وضع الجذوع ونحوه فقيل لا يجوز افتداء اليمين لأنه لا يجوز شراؤه قصدا والأصح أنه يجوز لأن الأصل أنه متى توجهت اليمين نحو الشخص بأي حق كان فافتدى اليمين بدراهم يجوز على الأصح .
قلت وهذا يدل على أنه يستحلف في دعوى التعزير .
قال وكذلك إن صالحه من يمينه على عشرة أو من دعواه فهو كله جائز ا ه .
وهذا مناف لما قدمه أو الباب من أن شرط صحة الصلح كون المصالح عليه حقا يجوز الاعتياض عنه وما في المجتبى أعم منه كما ترى .
ولعل التوفيق أن يقال إنه جائز في حق المدعى عليه لدفع الخصومة عنه لا في حق المدعي إذا كان حقا لا يجوز الاعتياض عنه لأن ما يأخذه عوض عن حقه في زعمه فلا بد من إمكان الاعتياض عن حقه ولعله في المجتبى يفرق بين الصلح عن الشفعة وعن دعوى الشفعة فلا يصح في الأول كما أطبقوا عليه من عدم لزوم البدل ووجوب رده بعد أخذه ويصح في الثاني فليحرر .
قوله ( بخلاف دعوى حد ) أي لا يصح الصلح عنها لما عرفت أن الصلح لا يجوز في حق الله تعالى ولو حد قذف ولا عن الإبراء منه .
منح .
قال في الفوائد الزينية لا يصح الصلح عن الحدود ولا يسقط به إلا حد القذف إلا إذا كان قبل المرافعة كما في الخانية .
قوله ( ونسب ) كما إذا ادعت أن هذا ولده منها فصالحها لترك دعواها فالصلح باطل لأن الصلح إما إسقاط أو معاوضة والنسب لا يحتملهما .
درر .
وأطلقه فشمل ما لو كانت الدعوى من المطلقة أنه ابن المطلق منها أو الدعوى من الابن أنه ابنه منها وجحد الرجل فصالح عن النسب على شيء فالصلح باطل في كلتا الصورتين لما سبق أن النسب لا يقبل الاعتياض مطلقا وعليه إطلاق المصنف في الدعوى وفي عدم احتمال النسب المعاوضة