الكلام في هذا المقام وفي زمان تدريسي كنت كتبت في هذا المبحث رسالة طويلة الذيول لطيفة بحيث قبلها كثير من الفحول وحاصلها أن محل العقد فيه عبارة الموكل كما في التوكيل بالنكاح ونحوه مما يكون فيه الوكيل سفيرا محضا فلا بأس أصلا بأن تسمى الرسالة بالاستقراض وكالة كما تسمى الرسالة بالنكاح ونحوه وكاله ويؤيد ما ذكرناه ما قال الإمام الكاشاني في البدائع ويجوز التوكيل في الاستقراض والقرض وما قال الإمام الزيلعي أيضا في شرح الكنز .
وعند أبي يوسف أن التوكيل بالاستقراض جائز .
لا يقال لو كان وكالة لما دفع للموكل فيما إذا أضافه إلى نفسه .
لأنا نقول حال الوكالة بالشراء أيضا كذلك لأن الوكيل بشراء شيء لا بعين إذا شراه يكون هو له إلا أن ينوي الشراء لموكله إذا العقد إلى دراهم موكله كما ذكره في الهداية وغيرها والله تعالى أعلم انتهى .
قوله ( بكل ) متعلق بقول الماتن أول الباب التوكيل صحيح أي التوكيل صحيح بكل شيء يباشره الموكل ولما ورد عليه الوكيل فإنه ليس له أن يوكل غيره مع أنه يباشر بنفسه دفعه الشارح بقوله لنفسه .
قوله ( لنفسه ) جواب عما يقال إن الوكيل يملك التصرف فيما وكل فيه مع أنه لا يملك التوكيل إلا بتفويض أو نص .
وحاصل الجواب أن الوكيل يملك التصرف لغيره لا لنفسه ح .
فإن قلت أنه يوكل بإذن مع أنه لا يصدق عليه التعريف يجاب بأنه إذا وكل بإذن صار الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل الأول والموكل الأول يباشر لنفسه وأورد على هذا القيد الأب والوصي إذا وكلا في مال الصبي فإنه يصح مع أنهما يتصرفان فيه لغيرهما فراجع ويرد عليه الاستقراض فإنه يجوز أن يباشره لنفسه لا لغيره ولا يجوز أن يوكل فيه غيره كما تقدم بيانه مفصلا .
والجواب أن عقد القرض لا يفيد الملك بمجرده بل لا بد من القبض أيضا فلو صح التوكيل به لكن توكيلا بقبض ما لم يملك اللموكل وهو لا يجوز .
وفي معين المفتي يشكل على الأصل المذكور أنه لا يجوز توكيل الأب أنه يزوج بنته الصغيرة بأقل من مهر المثل كما في القنية .
أقول لا إشكال فإنه لم يوكله بأن يزوجها بأقل من مهر مثلها وإنما وكل بتزويجها فزوجها بأقل من مهر مثلها كما هو صريح عبارة القنية فتأمل وأورد أيضا أن المأذون بالنكاح يباشره لنفسه ومع ذلك ليس له أن يوكل غيره وأجيب بأنه وكيل عن سيده في العقد .
قوله ( فشمل الخصومة ) تفريع على قوله بكل ما يباشره وهو أولى من قول الكنز بكل ما يعقده لشموله العقد وغيره كالخصومة والقبض كما في البحر .
قوله ( فصح بخصومة ) هي في لغة الجدل والخصم المخاصم والجمع خصوم وقد يكون للجمع والاثنين والمؤنث .
وفي الشرع الجواب بنعم أو لا وفسرها في الجوهرة بالدعوى الصحيحة أو الجواب الصريح .
قوله ( في حقوق العباد ) شمل بعضها معينا وجميعها كما في البحر وفيه عن منية المفتي ولو وكله في الخصومة له لا عليه فله إثبات ما للموكل فلو أراد المدعى عليه الدفع لم يسمع وإذ أثبت الحق على الموكل لم يلزمه ولا يحبس عليه ولو كان وكيلا عاما لأنها لم تنتظم الأمر بالأداء ولا الضمان .
فالحاصل أنها تتخصص بتخصيص الموكل وتعمم بتعميمه ولا يقبل من الوكيل بينة على وكالته من غير خصم حاضر ولو قضى بها صح لأنه قضاء في مختلف فيه .
وفيه عن البزازية ولو وكله بكل حق هو له وبخصومته في كل حق له ولم يعين المخاصم به والمخاصم فيه جاز ا ه .
وتمامه فيه .
قوله ( برضا الخصم ) أطلق فيه فشمل الطالب والمطلوب كما شملها الموكل والشريف والوضيع .
قال الإمام قاضيخان التوكيل بالخصومة لا يجوز عند أبي حنيفة سواء كان التوكيل من قبل الطالب أو من قبل المطلوب ا ه .