مطلقا كما ذكره المحققون في تعريفه لا بالنظر إلى خصوص الوكالة حتى يحتاج إلى ذكر هذا النظر والجواب عنه ا ه .
ويرد عليه ما في اليعقوبية حيث قال قوله ويعرف الغبن اليسير من الفاحش كذا في أكثر الكتب وهو مشكل لأنهم اتفقوا على أن توكيل الصبي العاقل صحيح وفرق الغبن اليسير من الفاحش مما لا يطلع عليه أحد إلا بعد الاشتغال بعلم الفقه فلا وجه لصحة اشتراطه في صحة التوكيل كما لا يخفى ا ه .
ولا يخفى عليك أنه حيث كان تعريف الصبي العاقل مأخوذا فيه معرفة الغبن الفاحش من اليسير كان شرطا في الوكالة أيضا ثم كان الظاهر أن يقول إلا بعد الاشتغال بالبيع والشراء ومعرفة أثمان المبيعات لأنه ليس المراد أن يعرف ما حده الفقهاء بل أن يعرف أن هذا الشيء قيمته كذا وأنه لو اشتراه أو باعه بكذا يكون مغبونا .
تأمل .
وعلى كل فاشتراط معرفة الغبن مشكل فقد يكون الرجل من أعقل الناس وأذكاهم ويغبن في بعض الأشياء لعدم وقوفه على مقدار قيمة مثلها .
ولعل مرادهم اشتراط ذلك فيما تكون قيمته معروفة مشهورة .
وانظر ما يأتي عند قوله وقيد شراؤه بمثل القيمة .
ثم رأيت في الحواشي السعدية قال ما نصه قوله مما لا يطلع عليه أحد الخ ممنوع فإنا نرى كثيرا من الصبيان يعرف ذلك من غير اشتغال بعلم الفقه بل السماع من الثقات وكثرة المباشرة بالمعاملات ثم قد يقام التمكن من الشيء مقام ذلك الشيء كما سبق في مباحث عدم قبول شهادة الأعمى في هذا الكتاب وأما فيما نحن فيه فالتمكن من المعرفة بالعقل وذلك موجود في الصبي الذي كلامنا فيه فليتأمل ا ه .
قلت والظاهر أن مرادهم أن يعرف أن الخمسة فيما قيمته عشرة مثلا غبن فاحش وأن الواحد فيها يسير فإن لم يدرك الفرق بينهما غير عاقل كصبي دفع له رجل كعبا وأخذ ثوبه فإذا فرح به ولا يعرف أنه مغبون في ذلك لا يصح تصرفه أصلا .
وقدمنا عن البحر أن ما يرجع إلى الوكيل العقل فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل الخ .
وصريح عبارة المصنف وغيره يدل على عدم صحة توكيل المجنون لكن في المقدسي ولو وكل مجنونا بطلاق امرأته فقبل الوكالة في حال جنونه ثم أفاق فهو على وكالته لأن الإفاقة تزيد التمكن من التصرف ولا تزيل الثابت .
قلت وفيه بحث لأن قبول المجنون لغو فلم يثبت ا ه .
قلت يؤيد هذا البحث أن هذا الفرع مخالف للمتون التي هي معتمد المذهب وإن أريد به من يعقل البيع والشراء كما ذكرنا فهذا ليس بمجنون بل كصبي محجور .
وفي الواقعات الحسامية الوكيل إذا اختلط عقله بشراب نبيذ ويعرف الشراء والقبض جاز على الموكل شراؤه ولو اختلط ببنج ويعرف الشراء لم يجز وهو كالمعتوه ا ه .
قال المقدسي يشكل نفاذ تصرفه على الموكل لأنا عاملناه معاملة الصحيح زجرا له ولا ذنب للموكل حتى ينصرف الزجر له ويعامل عليه بنفاذ فعل الوكيل المذكور عليه .
ثم رأيت بحثى هذا منقولا قال قاضيخان إن أبا سليمان الجوزجاني قال يجوز على الموكل وقال غيره لا يسري عليه وعلل بما ذكرته فليراجع ا ه .
قال في جامع أحكام الصغار فإن كان الصبي مأذونا في التجارة فصار وكيلا بالبيع بثمن حال ومؤجل فباع جاز بيعه ولزمته العهدة وإن كان وكيلا بالشراء فإن كان بثمن مؤجل لا تلزمه العهدة قياسا واستحسانا وتكون العهدة على الأمر حتى أن البائع يطالب الآمر بالثمن دون الصبي وإن وكله بالشراء بثمن حال فالقياس أن لا تلزمه العهدة .
وفي استحسان تلزمه ا ه .