وأما الوصية ففي المحيط ادعى رجل أن فلانا الميت أوصى له بالثلث من كل شيء وأقام البينة فقضى ثم رجعوا ضمنوا جميع الثلث وتمامه فيه .
وفي كافي الحاكم لو شهدا أن الميت أوصى إلى هذا في تركته فقضى القاضي بذلك ثم رجعا فلا ضمان عليهما والضمان على الوصي إن استهلك شيئا .
ا ه .
وأما الوديعة والعارية ففي كافي الحاكم شهدا على رجل بوديعة فجحدها فضمنها إياه القاضي ثم رجعا ضمنا له ما غرم وكذلك العارية ا ه .
قوله ( والعبرة فيه لمن بقي من الشهود لا لمن رجع ) أي عندنا معشر الحنفية وعد الأئمة الثلاثة العبرة لمن رجع .
قال في فتح القدير والأصل أن المعتبر في هذا بقاء من بقي لا رجوع من رجع لأن الشهادة إنما تثبت المال والرجوع إنما يوجب الضمان لأنه إتلاف لهم فإذا بقي بعد رجوع من رجع من يستقبل بإثبات المال ثانيا لم يتحقق بالرجوع إتلاف شيء ومن المحال أن يضمن مع عدم إتلاف شيء وأما ما أورد من أنه ينبغي إذا رجع أحد من الاثنين أن لا يبقى شيء من المال لأن الواحد لا يثبت بشهادته أصلا فيقتضي أن يضمن الواحد الراجع كل المال فهو مصادم للإجماع على نفيه وإنما كان الإجماع على نفيه لأن عدم ثبوت شيء بشهادة واحد إنما هو في الابتداء ولا يلزم في حال البقاء ما يلزم في الابتداء وحينئذ فيعد ما ثبت ابتداء شيء بشهادة اثنين نسب إلى كل منهما في حال البقاء ثبوت حصة منه بشهادته فتبقى هذه الحصة ما بقي على شهادته ويكون متلفا لها برجوعه .
قوله ( فإن رجع أحدهما ضمن النصف ) إذ بشهادة كل منهما يقوم نصف الحجة فببقاء أحدهما على الشهادة تبقى الحجة في النصف فيجب على الراجع ضمان ما لم تبق فيه الحجة وهو النصف ويجوز أن لا يثبت الحكم ابتداء ببعض العلة ثم يبقى ببقاء بعض العلة كابتداء الحول لا ينعقد على بعض النصاب ويبقى منعقدا ببقاء بعضه .
درر .
قوله ( وإن رجع أحد ثلاثة لم يضمن ) أي الراجع لقاء من يبقى به كل الحق .
قوله ( وإن رجع آخر ضمنا النصف ) أي الأول والثاني لأنه لما رجع الأول لم يظهر أثره فلما رجع آخر ظهر أثره لأنه لم يبق إلا من يقوم به النصف .
وفي تلخيص الجامع لو شهد أربعة بأربعة دراهم وقضى بها ودفعت ثم رجع واحد عن واحد والثاني عن اثنين والثالث عن ثلاثة ضمنوا نصف درهم على كل واحد سدس درهم لأن الحجة تشطرت في درهم إذ ثبت الأول على الثلاثة والرابع على الكل ولو رجع الرابع عن الأربعة ضمهوا درهما ونصفا على الأول سدس المضمون الأول وهو ربع درهم وعلى كل واحد من الثلاثة ربع درهم وسدس درهم لأنهم اتفقوا جميعا على الرجوع على الربع فضمنوه أرباعا على كل واحد ربع والثالث الأول ثابت عليه بالشهادة وحده فتشطرت الحجة فيه فوجب نصفه على الثلاثة أثلاثا ولا شيء عليه فيه لبقائه على الشهادة به فتأمل ا ه .
بزيادة عليه .
قال المقدسي فإن قيل ينبغي أن يضمن الراجع الثاني فقط لأن التلف أضيف إليه .
قلنا التلف مضاف إلى المجموع إلا أن رجوع الأول لم يظهر أثره لمانع وهو من بقي فإذا رجع الثاني ظهر أن التلف بهما .
أقول تقدم في الحدود عن المحيط إذا شهد على حد الرجم خمسة فرجع الخامس لا ضمان وإن رجع الرابع ضمنا الرابع وإن رجع ثالث يضمن الرابع .
فقوله يضمن الثالث الربع مخالف لما هنا لأن المأخوذ من باب الرجوع في الشهادة أن الخامس والرابع والثالث يضمنون النصف أثلاثا فما عن المحيط إما غلط أو ضعيف أو غير