الفرق بين ما إذا برهن على رجوعهما عند غير القاضي وبين ما إذا برهن على إقرارهما بالرجوع عند غير قاض فإنه في الأول لا يقبل لأن رجوعهما عند غير القاضي غير معتبر وفي الثاني يقبل لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة .
فبالبرهان على إقرارهما صارا كأنهما أقرا في الحال والحال أنهما عند القاضي وذلك رجوع معتبر فيقبل .
قوله ( ابن ملك ) ومثله في التبيين وعبارته ولو أقام بينة أنهما أقرا برجوعهما عند غير القاضي تسمع لأن إقرارهما به يكون رجوعا منهما في الحال ا ه أي وإن كان إقرارهما عند غيره باطلا لأنه يجعل إنشاء للحال .
قوله ( سقطت ) أي الشهادة عن الاعتبار فلا يقضي القاضي بها لتعارض الخبرين بلا مرجح للأول .
قوله ( ولا ضمان ) لأنهما لم يتلفا شيئا على أحد .
قوله ( وعزر ) أي الشاهد أي جنسه الصادق بالواحد والمتعدد .
وفي بعض النسخ بلفظ التثنية مطابقا لقول المتن فإن رجعا وفي بعضها بالإفراد أي الشاهد كما فيما بعده وهو قوله لأنه فسق نفسه إشارة إلى أن الحكم لا يختلف فيما إذا رجعا أو رجع أحدهما .
قال في الفتح قالوا ويعزر الشهود سواء رجعوا قبل القضاء أو بعده ولا يخلو عن نظر لأن الرجوع ظاهر في أنه توبة عن تعمد الزور إن تعمده أو التهور والعجلة وإن كان أخطأ فيه ولا تعزير على التوبة ولا على ذنب ارتفع بها وليس فيه حد مقدر ا ه .
وأجاب في البحر بأن رجوعه قبل القضاء قد يكون لقصد إتلاف الحق أو كون المشهود عليه غره بمال لا لما ذكره وبعد القضاء قد يكون لظنه بجهله أنه إتلاف على المشهود له مع أنه إتلاف لما له بالغرامة ا ه .
أقول ويظهر لي أن لجواب الحسن في ذلك أن للحاكم تعزير الجاني ولو بعد انقضاء الجناية بخلاف غيره من بقية المسلمين فليس لهم ذلك إلا حين التلبس بها ومعلوم أن القاضي حاكم .
قوله ( ولو عن بعضها ) كما لوش هدا بدار وبنائها أو بأتان وولدها ثم رجعا بالبناء والولد لم يقض بالأصل .
منح .
قوله ( لأنه فسق نفسه ) بتشديد السين المهملة من التفسيق وشهادة الفاسق لا تقبل .
بحر ومنح .
قوله ( لم يفسخ الحكم ) لأن آخر كلاهم يناقض أوله فلا ينقض الحكم بالتناقض ولأنه في الدلالة على الصدق مثل الأول وقد ترجح الأول باتصال القضاء به .
منح .
قوله ( مطلقا ) قال في المنح وقولي مطلقا يشمل ما إذا كان الشاهد وقت الرجوع مثل ما شهد في العدالة أو دونه أو أفضل منه وهكذا أطلق في أكثر الكتب متونا وشروحا وفتاوى .
وفي المحيط يصح رجوعه لو حاله بعد الرجوع أفضل منه وقت الشهادة في العدالة وإلا لا ويعزر .
ورده ي البحر لعدم صحته عن أهل المذهب لمخالفته ما نقلوه من وجوب الضمان على الشاهد إذا رجع بعد الحكم ونقل في الفتح أنه قول أبي حنيفة الأول وهو قول شيخه حماد ثم رجع عنه إلى قولهما وهو عدم نقض القضاء وعدم رد المال على المقضي عليه على كل حال وعليها استقر المذهب .
وعزاه في البحر أيضا إلى كافي الحاكم وهكذا قال في البزازية ثم رجع إلى قولهما وعليه استقر المذهب ا ه .
ومثله في التاترخانية برمز المحيط فإنه نقل عنه أن أبا حنيفة كان يقول كذا وساق التفصيل ثم قال ثم رجع عن هذا القول وقال لا يصح رجوعه في حق غيره على كل حال وهو قولهما والظاهر أن المراد بالمحيط المحيط البرهاني لما ذكر في البحر أن ما في المحيط السرخسي ليس فيه التفصيل .
قوله ( لترجحه بالقضاء ) الأولى لترجحها أي الشهادة وعلى عبارة الشارح الضمير يرجع إلى الخبر الأول من الشاهد والأوضح التصريح به إذ ظاهره أن الضمير راجع إلى الحكم وفيه تهافت ط أي فيكون فيه تعليل الشيء بنفسه فيصير المعنى كأنه