قلت ووجهه أن القول إذا تكرر فمدلوله واحد لم يختلف بخلاف الفعل وإطلاق الإقرار يفيد أن الوقف غير قيد .
الأربعون اختلفا في مكان إقراره به تقبل .
الحادية والأربعون اختلف في وقف في صحته أو في مرضه تقبل وهي مكررة مع السابعة والعشرين .
الثانية والأربعون شهد أحدهما بوقفها على زيد والآخر على عمرو تقبل وتكون وقفا على الفقراء لاتفاق الشاهدين على الوقف وهو صدقة .
انتهى ما في البحر مع زيادة من حاشية سيدي الوالد رحمه الله تعالى .
أقول وتقدم في آخر الوقف ما زاده الشيخ صالح ابن المصنف رحمهما الله تعالى فارجع إليه .
قوله ( تركتها خشية التطويل ) يعني ها هنا وإلا فقد ذكرها في آخر الوقف .
قوله ( بطريق الوضع ) أي بمعناه المطابقي وهذا جعله الزيلعي تفسير للموافقة في اللفظ حيث قال والمراد بالإنفاق في اللفظ تطابق اللفظين على إفادة المعنى بطريق الوضع لا بطريق التضمن حتى لو ادعى رجل مائة درهم فشهد شاهد بدرهم وآخر بدرهمين وآخر بثلاثة وآخر بأربعة وأخر بخمسة لم تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لعدم الموافق لفظا .
وعندهما يقضي بأربعة ا ه .
والذي يظهر من هذا أن الإمام اعتبر توافق اللفظين على معنى واحد بطريق الوضع وأن الإمامين اكتفيا بالموافق المعنوية ولو بالتضمن ولم يشترطا المعنى الموضوع له كل من اللفظين وليس المراد أن الإمام اشتراط التوافق في اللفظ والتوافق في المعنى الوضعي وإلا أشكل ما فرعه عليه من شهادة أحدهما بالنكاح والآخر بالتزويج وكذا الهبة والعطية فإن اللفظين فيهما مختلفان ولكنهما توافقا في معنى واحد أفاده كل منهما بطريق الوضع ويدل على هذا التوفيق أيضا ما نقله الزيلعي عن النهاية حيث قال إن كانت المخالفة بينهما في اللفظ دون المعنى تقبل شهادته وذلك نحو أن يشهد أحدهما على الهبة والآخر على العطية وهذا لأن اللفظ ليس بمقصود في الشهادة بل المقصود ما تضمنه اللفظة وهو ما صار اللفظ علما عليه فإذا وجدت الموافقة في ذلك لا تضر المخالفة فيما سواها .
قال هكذا ذكره ولم يحك فيه خلافا انتهى .
وهذا بخلاف الفرع السابق الذي نقلناه عنه فإن الخمسة معناها المطابقي لا يدل على الأربعة بل تتضمنها ولذا لم يقبلها الإمام وقبلها صاحباه لاكتفائهما بالتضمن .
والحاصل أنه لا يشترط عند الإمام الاتفاق على لفظ بعينه بل إما بعينه أو بمرادفه وقول صاحب النهاية لأن اللفظ ليس بمقصود مراده به أن التوافق على لفظ بعينه ليس بمقصود لا مطلقا كما ظن فافهم .
قوله ( لا التضمن ) هذا تأكيد لقوله يجب مطابقة الشهادتين أي دلالتهما على المعنى مطابقة وهي دلالة اللفظ على تمام معناه والتضمن دلالته على جزء المعنى .
قوله ( واكتفيا ) أي الصاحبان بالموافقة المعنوية فيحكمان بالأقل في مسألة الألف والألفين والمائة والمائتين والطلقة والثلاث .
فإن قيل يشكل على قول الكل ما لو شهد أحدهما أنه قال لها أنت خلية والآخر أنت برية لا يقضى ببينونة أصلا مع إفادتهما معناها .
وأجيب بمنع الترادف بل هما متباينا المعنيين يلزمهما لازم واحد وهو وقوع البينونة والمتباينات قد تشترك في لازم واحد فاختلافهما ثابت في اللفظ والمعنى فلما اختلف المعنى منهما كان