أحد الملكين في الهند وله دار ومنعة والآخر في الترك وله دار ومنعة أخرى وانقطعت للعصمة فيما بينهم حتى يستحل كل منهم قتال الآخر فهاتان لداران مختلفتان فتنقطع باختلافهما الوراثة لأنهما تبتنى على العصمة والولاية وأما إذا كان بينهما تناصر وتعاون على أعدائهما كانت الدار واحدة والوراثة ثابتة .
ثم اعلم أن الاختلاف إما حقيقة أو حكما كالحربي والذمي وكالحربيين في دارين مختلفتين بالمعنى السابق وإما حكما فقط كالمستأمن والذمي في دارنا فإنها وإن كانت واحدة حقيقة إلا أنها مختلفة حكما لأن المستأمن من أهل دار الحرب حكما لتمكنه من الرجوع إليها وأما حقيقة فقط كمستأمن في دارنا حربي وفي دارهم فإن الدار وإن اختلفت حقيقة لكن المستأمن من أهل الحرب حكما كما علمت فهما متحدان حكما وفي هذا الاخير يدفع مال المستأمن لوارثه الحربي لبقاء حكم الأمان في ماله لحقه وإيصال ماله لورثته من حقه كما في عامة الكتب فيمنع ذلك صرفه لبيت المال خلافا لما في شرح السراجية لمصنفها كما نبه عليه في الدر المنتقى وسكب الأنهر .
أقول وبه علم أن المانع هو الاختلاف حكما سواء كان حقيقة أيضا أو لا دون الاختلاف حقيقة فقط وهذا ما قال الزيلعي المؤثر هو الاختلاف حكما حتى لا تعتبر الحقيقة بدونه ا ه .
قوله ( حقيقة ) يعني وحكما لما علمت .
قوله ( كحربي وذمي ) أي إذا مات الحربي في دار الحرب وله وارث ذمي في دارنا أو مات الذمي في دارنا وله وارث في دارهم لم يرث أحدهما من الآخر لتباين الدارين حقيقة وحكما وإن اتحدا ملة .
قوله ( أو حكما ) أي فقط .
قوله ( وكحربيين الخ ) كذا في السراجية وفيه أنه من اختلاف الدار حقيقة وحكما كما قدمناه إلا أن يحمل على أنهما من دارين مختلفين حقيقة لكنهما مستأمنان في دارنا فهما في دار واحدة حقيقة وفي دارين مختلفتين حكما ويؤيده أنه قال من دارين لا في دارين وإن كان الأولى أن يقول المستأمنين بدل الحربيين وكأنه ترك هذا الأولى إشارة إلى أنه يمكن جعله مثالا للاختلافين .
أفاده السيد وتماه فيه .
قوله ( بخلاف المسلمين ) محترز قوله فيما بين الكفار أي اختلاف الدار لا يؤثر في حق المسلمين كما في عامة الشروح حتى أن المسلم التاجر أو الأسير لو مات في دار الحرب ورث منه ورثته الذين في دار الإسلام كما في سكب الأنهر .
قال في شرح السراجية لابن الحنبلي وأما قول العتابي أن من أسلم ولم يهاجر إلينا لا يرث من المسلم الأصلي في دارنا ولا المسلم الأصلي في دارنا ولا المسلم الأصلي ممن أسلم ولم يهاجر إلينا سواء كان في دار الحرب مستأمنا أو لم يكن فمدفوع بقول بعض علمائنا يخايل لي أن هذا كان في ابتداء الإسلام حين كانت الهجرة فريضة ألا ترى أن الله تعالى نفى الولاية بين من هاجر ومن لم يهاجر فقال ! < والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا > ! فلما كانت الولاية بينهما منتفية كان الميراث منتفيا لأن الميراث على الولاية فأما اليوم فينبغي أن يرث أحدهما من الاخر لأن حكم الهجرة لأن الميراث على الولاية فأمما اليوم فينبغي أن يرث أحدهما من الآخر لأن حكم الهجرة قد نسخ بقوله لا هجرة بعد الفتح ا ه .
قوله ( كما سيجيء ) أي في فصل الحرقى والغرقى .
قوله ( في خمس مسائل أو أكثر ) زاد قوله أو أكثر تبعا للمجتبى إشارة إلى أن عدها