تخصيصه بالعرف كما لو حلف لا يأكل رأسا فإنه في العرف اسم لما يكبس في التنور ويباع في الأسواق وهو رأس الغنم دون رأس العصفور ونحوه فالغرض العرفي يخصص عمومه فإذا أطلق ينصرف إلى المتعارف بخلاف الزيادة الخارجة عن اللفظ كما لو قال لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق فإنه يلغو ولا يصح إرادة الملك أي إن دخلت وأنت في نكاحي وإن كان هو المتعارف لأن ذلك غير مذكور ودلالة العرف لا تأثير لها في جعل غير الملفوظ ملفوظا .
إذا علمت ذلك فاعلم أنه إذا حلف لا يشتري لإنسان شيئا بفلس فاللفظ المسمى وهو الفلس معناه في اللغة والعرف واحد وهو القطعة من النحاس المضروبة المعلومة فهو اسم خاص معلوم لا يصدق على الدرهم أو الدينار فإذا اشترى له شيئا بدرهم لا يحنث وإن كان الغرض عرفا أن لا يشتري أيضا بدرهم ولا غيره ولكن ذلك زائد على اللفظ المسمى غير داخل في دلوله فلا تصح إرادته بلفظ الفلس وكذا لو حلف لا يخرج من الباب فخرج من السطح لا يحنث وإن كان الغرض عرفا القرار في الدار وعدم الخروج من السطح أو الطاق أو غيرهما ولكن ذلك غير المسمى ولا يحنث بالغرض بلا مسمى وكذا لا يضربه سوطا فضربه بعصا لأن العصا غير مذكورة وإن كان الغرض لا يؤلمه بأن لا يضربه بعصا ولا غيرها وكذا ليغدينه بألف فاشترى رغيفا بألف وغداه به لم يحنث وإن كان الغرض أن يغديه بما له قيمة وافية وعلى ذلك مسائل أخرى ذكرها أيضا في تلخيص الجامع لو حلف لا يشتريه بعشرة حنث بأحد عشر ولو حلف البائع لم يحنث به لأن مراد المشتري المطلقة ومراد البائع المفردة وهو العرف ولو اشترى أو باع بتسعة لم يحنث لأن المشتري مستنقص والبائع وإن كان مستزيدا لكن لا يحنث بالغرض بلا مسمى كما في المسائل المارة اه .
فهذه أربع مسائل أيضا .
الأولى حلف لا يشتريه بعشرة فاشتراه بأحد عشر حنث لأنه اشتراه بعشرة وزيادة والزيادة على شرط الحنث لا تمنع الحنث كما لو حلف لا يدخل هذه الدار فدخلها ودخل دارا أخرى .
الثانية لو حلف البائع لا يبيعه بعشرة فباعه بأحد عشر لم يحنث لأن العشرة تطلق على المفردة وعلى المقرونة أي التي قرن بها غيرها من الأعداد ولما كان المشتري مستنقصا أي طالبا لنقص الثمن عن العشرة علم أن مراده مطلق العشرة أي مفردة أو مقرونة ولما كان البائع مستزيدا أي طالب لزيادة الثمن عن العشرة علم أن مراده بقوله لا أبيعه بعشرة العشرة المفردة فقط تخصيصا بالعرف فلذا حنث المشتري بالأحد عشر دون البائع .
الثالثة لو اشترى بتسعة لم يحنث لأنه لو توجد العشرة بنوعيها مع أنه وجد الغرض أيضا لأنه مستنقص .
الرابعة لو باع بتسعة لم يحنث أيضا لأنه وإن كان غرضه الزيادة على العشرة وأنه لا يبيعه بتسعة ولا بأقل لكن ذلك غير مسمى لأنه إنما سمي العشرة وهي لا تطلق على التسعة ولا يحنث بالغرض بلا مسمى لأن الغرض يصلح مخصصا لا مزيدا كما مر .
إذا علمت ذلك ظهر لك أن قاعدة بناء الأيمان على العرف معناه أن المعتبر هو المعنى المقصود في العرف من اللفظ المسمى وإن كان في اللغة أو في الشرع أعم من المعنى المتعارف ولما كانت هذه القاعدة موهمة اعتبار الغرض العرفي وإن كان زائدا على اللفظ المسمى وخارجا عن مدلوله كما في المسألة الأخيرة وكما في المسائل الأربعة التي ذكرها المصنف دفعوا ذلك الوهم بذك القاعدة الثانية وهي بناء الأيمان على الألفاظ لا على الإغراض فقولهم لا على الأغراض دفعوا به توهم اعتبار الغرض الزائد على اللفظ المسمى وأرادوا بالألفاظ الألفاظ العرفية بقرينة القاعدة الأولى ولولاها لتوهم اعتبار الألفاظ ولو لغوية أو شرعية فلا تنافي بين