.
والحاصل أن الحدث يرتفع عن أول جزء لاقى وهو غير معلوم والماء يصير مستعملا بأول جزء انفصل كما أن الماء الوارد على محل التطهير يرفع الحدث بمجرد الإصابة ولا يصير مستعملا إلا بانفصاله .
فلهذا قال ( ك ) الماء ( المتردد على المحل ) أي محل التطهير فإنه يصير مستعملا بانفصاله .
قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة ما دام الماء يجري على بدن المغتسل وعضو المتوضي على وجه الاتصال فليس بمستعمل حتى ينفصل .
فإن انتقل من عضو إلى عضو لا يتصل به مثل أن يعصر الجنب شعر رأسه على لمعة من بدنه أو يمسح المحدث رأسه ببلل يده بعد غسلها فهو مستعمل في إحدى الروايتين كما لو انفصل إلى غير محل التطهير والأخرى ليس بمستعمل وهو أصح انتهى .
لكن صحح الأولى في الإنصاف ومشى عليه المصنف .
وذكر الخلال أن رواية الإجزاء رجع أحمد عنها واستقر قوله على أن ذلك لا يجزىء ( وكذا نيته ) أي الجنب ( بعد غمسه ) أي انغماسه في الماء القليل راكدا كان أو جاريا .
قال في الحاوي الكبير ولو لم ينو الطهارة حتى انغمس به فقال أصحابنا يرتفع الحدث عن أول جزء يرتفع منه فيحصل غسل ما سواه بماء مستعمل انتهى .
فقطع بأنه يصير مستعملا بأول جزء انفصل وعزاه إلى الأصحاب فيحمل كلام المصنف على هذا .
هكذا قال في تصحيح الفروع .
وقال المجد الصحيح عندي أنه يرتفع حدثه عقب نيته لوصول الطهور إلى جميع محله بشرطه في زمن واحد فلا تعود الجنابة بصيرورته مستعملا بعد .
وقد أوضحت المسألة في الحاشية ( ولا أثر لغمسه ) أي الجنب بدنه أو بعضه في ماء قليل ( بلا نية رفع حدث كمن نوى التبرد أو ) نوى ( إزالة الغبار أو ) نوى ( الاغتراف أو فعله عبثا ) لأنه لم يزل مانعا ( وإن كان الماء الراكد كثيرا كره أن يغتسل فيه ) لحديث أبي هريرة مرفوعا لا يغتسلن أحدكم في الماء الراكد وهو جنب رواه مسلم .
( ويرتفع حدثه ) أي الجنب ( قبل انفصاله عنه ) أي الماء لوصول الطهور إلى محله بشرطه ( ويسلبه ) أي الماء ( الطهورية اغترافه ) أي الجنب ( بيده أو فمه أو وضع رجله أو غيرها ) من أعضائه ( في ) ماء ( قليل بعد نية غسل واجب ) لاستعماله في رفع الحدث عن أول جزء يلاقى من المغموس كما تقدم .
ولا يرتفع الحدث عنه لأن ذلك الجزء غير معلوم ( ولو اغترف المتوضىء بيده بعد غسل وجهه ) لا قبله لاعتبار الترتيب ( من ) ماء ( قليل ) لا كثير ( ونوى رفع الحدث عنها فيه ) أي في القليل ( سلبه ) ذلك الفعل ( الطهورية ) لأنه استعمل في رفع حدث ( كالجنب )