قال ابن عباس من فر من اثنين فقد فر ومن فر من ثلاثة فما فر .
( ويلزمهم ) أي المسلمين ( الثبات وإن ظنوا التلف ) لقوله تعالى ! < إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار > ! ولأنه صلى الله عليه وسلم عد الفرار من الكبائر .
( إلا متحرفين لقتال ) لقوله تعالى ! < ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله > ! .
( ومعنى التحرف ) لقتال ( أن ينحازوا إلى موضع يكون القتال فيه أمكن مثل أن ينحازوا من ضيق إلى سعة أو من معطشة إلى ماء أو من نزول إلى علو أو من استقبال شمس أو ريح إلى استدبارهما أو يفروا بين أيديهم لينقض صفهم أو تنفر خيلهم من رجالتهم أو ليجدوا فيهم فرصة أو يستندوا إلى جبل ونحو ذلك ) مما جرت به عادة أهل الحرب .
قال عمر يا سارية الجبل فانحازوا إليه وانتصروا على عدوهم .
( أو متحيزين إلى فئة ناصرة تقاتل معهم ولو بعدت ) لعموم قوله تعالى ! < أو متحيزا إلى فئة > ! قال القاضي لو كانت الفئة بخراسان والفئة بالحجاز .
لجاز التحيز إليها لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني فئة لكم وكانوا بمكان بعيد منه .
وقال عمر أنا فئة لكل مسلم .
وكان بالمدينة وجيوشه بالشام والعراق وخراسان .
رواهما سعيد .
( وإن زادوا على مثليهم فلهم الفرار ) قال ابن عباس لما نزلت ! < إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين > ! شق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم أن لا يفر واحد من عشرة .
ثم جاء التخفيف فقال ! < الآن خفف الله عنكم > ! الآية فلما خفف عنهم من العدد نقص من الصبر بقدر ما خفف من القدر رواه أبو داود .
وظاهره إنه يجوز لهم الفرار مع أدنى زيارة ( وهو ) أي الفرار ( أولى ) من الثبات ( إن ظنوا التلف بتركه ) أي الفرار وأطلق ابن عقيل استحباب الثبات للزائد لما في ذلك من المصلحة .
( وإن ظنوا الظفر فالثبات أولى )