.
وقصة حاطب في الصحيحين وقال عمر قد كفر وقال للنبي صلى الله عليه وسلم دعني أضرب عنق هذا المنافق قال ابن الجوزي في كشف المشكل تقرب إلى القوم ليحفظوه في أهله بأن أطلعهم على بعض أسرار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كيدهم وقصد قتالهم وعلم أن ذلك لا يضر رسول الله لنصره الله إياه وهذا الذي فعله أمر يحتمل التأويل ولذلك استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حسن الظن وقال إنه قد صدقكم .
وقد دل الحديث على أن حكم المتأول في استباحة المحظور خلاف حكم المتعمد لاستحلاله من غير تأويل ودل على أن من أتى محظورا وادعى في ذلك ما يحتمل التأويل كان القول قوله في ذلك وإن كان غالب الظن بخلافه وقال عن قول عمر وهذا لأنه رأى صورة النفاق ولما احتمل قول عمر وكان لتأويله مساغ لم ينكر عليه الرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعض أصحابنا المتأخرين في كتابه الهدى فيه إن من نسب ملسما إلى نفاق أو كفر متأولا وغضبا لله ورسوله لا لهواه وحظه لا يكفر بل لا يأثم بل يثاب على نيته بخلاف أهل الأهواء والبدع فإنهم يكفرون ويبدعون من خالفهم وهم أولى بذلك .
وكذا قال الخطابي إن من كفر مسلما أو نفقة متأولا وهو من أهل الاجتهاد يلزمه عقوبة .
قال في كشف المشكل وقد دل الحديث على أن الجاسوس المسلم لا يقتل فيقال مطلقا أو مع التأويل فهو لا يدل مطلقا ولهذا لم يقع تعزير هذا إن صح ما ذكره من التأويل وإن لم يصح لم يدل أيضا لأن عمر لما طلب قتله لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم أو يقال لم يذكر أنه لم يوجد المقتضي لقتله بل ذكر المانع وهو شهود بدر فدل على وجود المقتضي وأنه لولا المعارض لعمل به وهو أيضا يدل على تحريم ما وقع .
وفي كتاب الهدى أنه كبيرة يمحي بالحسنة الكبيرة ولهذا قال في شرح مسلم