@ 98 @ داود ، وظاهره أنه أقره على أن صلى وهو جنب ، وإلا لم يبين لهم أنه ليس بجنب . .
247 ( والثاني ) : حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله قال : ( إن الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته ، فإن ذلك خير ) رواه الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ، وفي رواية ( طهور ) فدل على أنه عند عدم الماء طهور بمنزلة [ الماء ] ، وإذاً يعطى حكم الماء ، فيرفع الحدث ، والحق أنه لا تعارض بين الحديثين ، إذ ( في الأول ) غايته أنه لم يمنع من إطلاق الحدث عليه ، لأن بزوال البرد ، أبو بوجود الماء ونحو ذلك حكم الحدث ، ويبطل التيمم ، فدل على أن المانع لم يزل رأساً ، ( وفي الثاني ) جعل التراب طهوراً عند عدم الماء ، لأنه يستبيح به ما يستبيح بالماء والحال ما تقدم . .
وقد قال أبو العباس : إن ذلك ينبني على قاعدة أصولية ، وهي أن المانع المعارض للمقتضي هل يرفعه أم لا ؟ فإن المقتضي للحدث موجود ، وقد عارضه عدم الماء ، مع الحاجة إلى الصلاة ، وقيام الشارع التراب مقام الماء ، فهل يقال : استبيحت الصلاة والحال هذه ، مع قيام السبب المانع منها وهو الحدث ، أو أن السبب والحال هذه لم يبق حاضراً ، فكأن لا حدث ؟ ونظير ذلك الاختلاف في الميتة عند الضرورة ، هل أبيحت مع قيام سبب الحظر ، وهو ما فيها من [ خبث ] التغذية ، أو [ أن ] عند الضرورة زال المقتضي للحظر ، مع بقاء ] قيام السبب وهو التحريم ؟ . .
وكشف الغطاء من ذلك أنه إن أريد بالسبب الحاضر السبب التام ، وهو مجموع ما يستلزم الحكم من العلة ، والشرط ، وعدم المانع ، فلا ريب في ارتفاع هذا عند المخمصة ، وعند الصلاة بالتيمم ، لوجود الحل وإباحة الصلاة ، وإن أريد بالسبب ما يقتضي الحكم وإن توقف على وجود شرط ، أو انتفاء مانع ، فلا ريب في وجود هذا هنا ، لولا المعارض الراجح ، وهو المخمصة ، وعدم الماء ، فالقائل الأول التفاته إلى هذا السبب ، والقائل الثاني التفاته إلى السبب التام ، وإذا فالفريقان مجمعان على إباحة الصلاة والحال ما تقدم ، وعلى منع الصلاة عند وجود الماء حتى يتطهر ، ومن ثمّ قال القاضي في تعليقه : الخلاف في عبارته ، قال : إذ فائدة قولنا : إنه لا يرفع الحدث . أنه إذا وجد الماء لزمه استعماله في رفع الحدث ، وهذا اتفاق . .
ومن هنا يعرف خطأ ابن حمدان في قوله : وعنه يصلي به ما لم يحدث . وقيل : أو يجد ماء . فإنه يقتضي أنه على النص يصلي وإن وجد الماء ، وهو خلاف الإِجماع ، والنصوص الصريحة ، والذي أوقعه في ذلك والله أعلم أن النص عن أحمد مطلق ، لكن نصوصه المتوافرة بالبطلان بوجود الماء حتى وهو في الصلاة ، تقيد ذلك ، لا سيما