@ 297 @ ( إحداها ) إذا خلط الوديعة بماله والحال أنها لا تتميز مع ما خلط به ، كما لو خلط زيتا بزيت أو بشيرج ، أو برا ببر ، أو دراهم بدراهم ، ونحو ذلك ، لأنه صيرها في حكم التالف ، وفوت على نفسه ردها ، فضمنها كما لو ألقاها في لجة بحر ، وعن أحمد في رجل أعطى رجلًا درهما يشتري له به شيئاً ، فخلطه مع درهمه فضاعا ، قال : ليس عليه شيء . ذكرها القاضي في ما انتقاه من رواية عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، وحكم خلطها بمال غيره حكم خلطها بمال نفسه ، وإنما ذكر الخرقي ماله اعتماداً على الغالب . .
( الصورة الثانية ) : إذا لم يحفظها كما يحفظ ماله أن يحرزها في حرز مثلها ، أو أعلى منه ، ويذكر ذلك إن شاء الله تعالى في القطع في السرقة ، وهذا إذا لم يعين له المالك حرزاً ، أما إن عين له حرزاً فإنه يمتثل وإن كان دون حرزها ، فإن خالفة فسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى . .
( الصورة الثالثة ) : إذا أودعها عند غيره ، وله حالتان ( إحداهما ) : أن يفعل ذلك لغير عذر ، ولا إشكال في تضمينه إذاً لأنه متعد ، إذ لفظ مالكها إنما تضمن أن يحفظها بنفسه لا بغيره ، قلت : ويخرج عدم الضمان إذا لم ينهه ، بناء على رواية جواز توكيل الوكيل ، وليس من أيداعها لغيره دفعها لمن جرت عادته بدفعها إليه ، كزوجته وعبده ، لأن ذلك مما يحفظ به ماله ، فهو داخل فيما تقدم ، وهذا منصوص أحمد ، عليه الأصحاب ، وفيه وجه آخر : بلى فيضمن . ذكره ابن أبي موسى ، ( الحالة الثانية ) إذا أودعها عند غيره لعذر ، كما إذا أراد سفراً غير مأمون ، أو كان الترك أحرز لها ، أو استوى الأمران في وجه ، أو خاف عليها من حريق أو ظالم ونحو ذلك ، ولم يجد ربها ولا وكيله ، فيجوز ، ولا ضمان عليه لمكان العذر ، ثم هل يتعين الحاكم مع القدرة عليه وهو المذهب المقطوع به للأصحاب أو لا يتعين ، ويكفي إيداعها ثقة وهو احتمال لأبي محمد في المغني ؟ فيه قولان ، قال القاضي : وقد أطلق أحمد القول في رواية الأثرم ، وإبراهيم بن الحارث : لا يودعها لغيره إذا خاف عليها . قال : وهذا محمول على المقيم في البلد ، والمسافر إذا وجد حاكماً فعدل عنه . والله أعلم . .
قال : وإذا كانت علة فخلطها في صحاح ، أو صحاحاً فخلطها في علة ، فلا ضمان عليه . .
ش : العلة هي المكسرة ، فإذا خلطها في صحاح أبو بالعكس فلا ضمان عليه ، لأنها تتميز ، فلا يتعذر ردها ، وهذا هو المذهب ، والمنصوص في رواية أبي طالب ، ونقل عنه بن منصور فيمن خلط دراهم بيضا بسود يضمنها ، فأجر ذلك صاحب التلخيص وغيره في كل ما يتميز ، وخصها أو محمد بصورة النص ، لاحتمال كسبها سواداً فيتغير لونها فتنقص .