@ 229 @ صحيحة ، موقوفة على إجازة الورثة ، فتكون إجازتهم تنفيذاً ، وهذا هو المشهور المنصور في المذهب ، حتى أن القاضي في التعليق ، وأبا الخطاب في خلافه الصغير ، وأبا البركات ، وجماعة لم يذكروا في المسألة خلافاً ، اعتماداً على حديثي ابن عباس وعبد الله بن عمرو ، فإن مقتضاهما أن الوصية للوارث صحيحة ، إذا أجازت الورثة ، ( وعنه ) ما يدل على أن الوصية باطلة ، أخذا من إطلاقه في رواية حنبل : لا وصية لوارث . وفيه نظر ، فإذاً إجازة الورثة ابتداء عطية ، اعتماداً على أن الصحيح في الرواية كما تقدم ( لا وصية لوارث ) وظاهره نفي الوصية مطلقاً ، وللخلاف فوائد ، ( منها ) إذا قلنا : إنها تنفيذ . لزمت بدون القبول والقبض ، وإن اعتبرنا القبض في الهبة ، وتصح مع جهالة المجاز ، ومع كون المجاز وقفا على المجيز ، وإن قلنا : وقف الإِنسان على نفسه لا يصح . ولو كان المجاز عتقاً ، كما لو تأخر العتق عن وصايا استغرقت الثلث ، وقلنا : يبدأ بالأول فالأول على المذهب . فإن ولاءه للموصي ، لأنه المعتق ، فتختص به عصبته ، ولو كان المجيز والد المجاز له ، كما لو وهب ثلث ماله ، ثم وصى لأخيه بماله ، فأجاز ذلك الأب ، لم يكن له الرجوع في المجاز به ، لأنه ليس بهبة منه ، وهو إنما يرجع فيما وهبه لولده ، ولو جاوز المجاز الثلث زاحم ما لم يجاوزه ، كما لو كان ثلثه مثلًا خمسين ، فأوصلى لرجل بمائة درهم ، ولآخر بخمسين ، ولآخر بخمسين ، وأجاز الورثة الجميع ، فإن المال وهو المائة وخمسون يقسم بينهم أرباعاً ، لأن الوصية صحت في الجميع . .
وعلى الرواية الأخرى تنعكس هذه الأحكام ، فلا بد من القبول والقبض في المجاز ، حيث اعتبرنا القبض في الهبة ، لافتقارها إليهما ، ويشترط كون المجاز معلوماً ، إذ العلم شرط في صحة الهبة ، ولو كان المجاز وقفاً على المجيز ، كما لو وقف دره على ورثته ، وهما ابناه ، فأجازا ذلك ، لم يصح إن لم يصح وقف الإِنسان على نفسه ، لأن الوقف حصل منهما ، ولو كان المجاز عتقاً كان ولاؤه للمجيز ، لأنه العتق حقيقة لا للموصي ، ولو كان المجيز والد المجاز له ، جاز له الرجوع فيما أجازه له ، لأنه هبة منه ، ولو جاوز المجاز الثلث لم يزاحم ما لم يجاوزه ، ففي الصورة التي ذكرناها ثم ، يقسم المال بين المجاز لهم أثلاثاً ، لأن لصاحب المائة منها خمسون ، والخمسون الزائدة على الثلث هبة مبتدأة من المجيزين ، ولم يحصل لهم شيء يهبونه ، وقد يقال : إن عدم المزاحمة إنما هو في الثلثين ، لأن الهبة تختص بهما ، والمجيز يشرك بينهما فيهما ، أما الثلث فيقسم بينهم على قدر أنصابهم . .
وعلى الروايتين يعتبر إجازة المجيز في مرضه من ثلثه ، أما على الرواية الثانية فواضح ، وأما على الأولى فلأنه تمكن من أخذ المال ، وقد وجد سببه في حقه ، فتسببه في إسقاطه بمنزلة تلفه ، أشبه ما لو حاباه في بيع له فيه خيار ، ثم أجازه في مرضه ، فإن محاباته تعبر من الثلث .