@ 188 @ ذلك ، وملخص ما قاله أنه إن كان العمل في بيت المستأجر ، وكان بناء فله أجرته رواية واحدة ، لأن تسليمه يحصل بمجرد فعله ، وإن كان غير بناء فروايتان ، مبناهما على أنه إذا كان في ملكه فهل العمل مسلم بمجرد عمله ، أو لا بد من التسليم ؟ وإن كان العمل خارج بيت المستأجر وكان غير بناء فلا أجرة له رواية واحدة ، إذ التسليم إذاً لا يحصل إلا بالقبض ، وإن كان بناء فروايتان ، مبناهما على أن العادة هل جرت في البناء بقبضه في موضعه ، أو أنه لا بد من التسليم فيه كغيره ، وقطع القاضي في التعليق في البناء بأن له أجرته ، وفي غيره لا أجرة له ، ونص أحمد على ذلك في رواية ابن منصور ، والله أعلم . .
قال : ولا ضمان على حجام ، ولا ختان ، ولا متطبب ، إذا عرف منهم حذق الصنعة ، ولم تجن أيديهم . .
ش : لا ضمان على من ذكر والحال هذه ، لأنهم فعلوا فعلًا مباحاً مأذوناً فيه ، أشبه قطع الإِمام يد السارقد أما إذا لم يكن لهم معرفة بذلك فيضمنون ، لتحريم المباشرة عليهم إذاً ، وكذلك إن عرف منهم حذق لكن جنت أيديهم ، كأن تجاوز الختان إلى بعض الحشفة ، أو قطع الطبيب سلعة فتجاوزها ، ونحو ذلك ، لما تقدم في الأجير المشترك ، وحكى ابن أبي موسى إذا ماتت طفلة من الختان فيدتها على عاقلة خاتها ، قضى بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والله أعلم . .
قال : ولا ضمان على الراعي إذا لم يتعد . .
ش : لا ضمان على الراعي ، لأنه مؤتمن على الحفظ ، أشبه المودع ، ولأٌّ ها عين قبضت بحكم الإِجارة ، أشبهت العين المستأجرة ، أما إذا تعدى أو فرط مثل أن تركها تغيب عن نظره ، أو ضربها ضرباً أسرف فيه ، أو من غير حاجة إليه ، أو سلك بها موضعاً مخوفاً ، أو نام عنها أو غفل ، ونحو ذلك فيضمن ، لأنه مفرط ، أشبه المودع ، ولو جاء بجلد الشاة مدعياً لموتها من غير بينة قبل قوله على أصح الروايتين . .
وقد تضمن كلام الخرقي جواز إجارة الراعي ، وهو واضح ، لقوله تعالى حكاية عن صاحب موسى { إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين } الآية ، وجواز إجارة الطبيب ، لأنه فعل مباح مأذون فيه ، أشبه سائر الأفعال المباحة ، ويقدر ذلك بالمدة ، لا بالعمل لعدم انضباطه ، ويبين قدر ما يأتي له في كل يوم ، هل هو مرة أو أكثر من ذلك ، ولا يجوز التقدير بالبرء عند القاضي ، وجوزه ابن أبي موسى ، وكذلك أبو محمد ، لكن جعله جعالة لجواز جهالة العمل فيها ، ويجوز اشتراط الكحل من الطبيب على الأصح لا الدواء اعتماداً على العرف . .
وتضمن أيضاً جواز إجارة الختان ، وهو واضح لما تقدم ، وجواز إجارة الحجام ، وهو اختيار أبي الخطاب ، وتبعه الشيخان .