@ 178 @ .
واعلم أن الإِجارة لها ثلاثة أركان ( الركن الأول ) العاقد ، ولم يذكره الخرقي لوضوحه ، إذ شرط العاقد في جميع العقود كونه جائز التصرف ( الثاني ) المعقود عليه ، وهو المنفعة والأجرة ، ( أما المنفعة ) فمن شرطها أن تكون معلومة ، فإذا كانت على مدة كما قال الخرقي اشترط كونها معلومة ، كشهر كذا ونحو ذلك ، بلا خلاف نعلمه ، ولو علقها على ما يقع اسمه على شيئين كالعيد وجمادى ، فهل يصح وينصرف إلى الأول منهما وهو رأي أبي محمد أو لا يصح حتى يعين ذلك وهو رأي القاضي ؟ فيه وجهان . .
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يشترط في المدة أن تلي العقد وهو صحيح ، وإذاً لا بد من ذكر الابتداء كالانتهاء ، فلو أطلق فقال : أجرتك هذه الدار شهراً ، فهل يصح ، ويكون ابتداؤه من حين العقد وهو اختيار أبي محمد أو لا يصح حتى يسمي الشهر وهو منصوص أحمد ، وبه قطع القاضي وكثيرون ؟ فيه قولان . .
وظاهر كلامه أيضاً أنه لا تقدير لأكثر مدة الإِجارة ، فتجوز إجارة العين مائة سنة وأكثر ، إذا غلب على الظن بقاؤها فيها ، وهذا المذهب ، وقد نص أحمد على جواز عشر سنين ، وقيل : واختاره ابن حامد يتقيد ذلك بسنة ، فلا يجوز أكثر منها ، وقيل : بل بثلاثين سنة . .
( وأما الأجرة ) فمن شرطها أيضاً أن تكون معلومة كالثمن في المبيع . .
2116 وقد روي عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : نهى رسول الله عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره . رواه أحمد ، ثم هل يشترط العلم بقدر رأس المال وصفته ، أو تكفي مشاهدته ؟ فيه وجهان . .
( الركن الثالث ) : المعقود به وهو الصيغة ، وتنعقد بلفظ الإِجارة والكراء ، وكذا ما في معناهما على الصحيح ، وهل تنعقد بلفظ البيع ؟ فيه وجهان ، أصلهما هل هي نوع من البيع أو شبيهة بالبيع . .
إذا تقرر هذا وصحت الإِجارة فقال الخرقي : فقد ملك المستأجر المنافع . ولا ريب في هذا . .
2117 وقد نص عليه أحمد ، محتجاً بأن ابن عمر رضي الله عنهما اكترى جمالًا ثم صارف الجمال ، ولو لم يكن قد ملكها لم تصح مصارفته ، فظاهر احتجاجه إنما هو في الأجرة ، لأنها أحد العوضين فإذا ملكت ملك الأجر ، وأيضاً فإن المؤجر يملك التصرف في هذه المنفعة كما يتصرف في العين ، فإذا أجرها ملك المستأجر منها ما كان يملك المؤجر ، وإذا ملك المستأجر المنافع حين العقد ملك المؤجر جميع الأجرة إذاً ، لأنها أحد العوضين فيملك بما يملك به الآخر . [ إذ المعارضة مبناها