@ 55 @ وكذلك ليس الملك من أحكام القبض هنا ، بل يحصل الملك بمجرد العقد ، على المذهب كما تقدم ، نص عليه أحمد في رواية محمد بن موسى ، في من اشترى قفيزاً من طعام من جملة أقفزة ، فهو من مال البائع ، [ فقيل له : أليس قد ملكه المشتري ؟ فقال : بلى ولكن هو من ضمان البائع ] انتهى ، وإذاً ما حصل من نماء في يد البائع فهو أمانة في يده للمشتري ، إذ النماء تابع للملك . .
ومعنى تضمين البائع ما تقدم أنه إن تلف بأمر سماوي بطل العقد فيه ، وكان من مال البائع ، فيلزمه رد الثمن إن كان قد قبضه ، وإلا فلا شيء له ، قال القاضي وغيره : على قياس قوله في الثمرة إذا تلفت قبل أخذها بآفة سماوية ، وإن تلف بفعل من جهة آدمي ، فإن كان المشتري فقد استقر العقد ، وتلف من ماله ، وإن كان البائع أو أجنبياً خير المشتري بين فسخ العقد والرجوع بالثمن إذا كان قد دفعه ، وبين إمضائه ومطالبة متلفه بعوضه ، ولأبي محمد في الكافي احتمال بأن تلف البائع يبطل العقد . .
وقد يقال : إن ظاهر إطلاق الخرقي بطلان العقد مطلقاً ، ونص أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد ، في رجل باع ثوباً من رجل ، ثم باعه من آخر قبل التفرق ، ولما يسلمه للأول ، واستهلكه البائع ، أخذ بخلاصه ، فإن لم يقدر أن يخلصه فعليه قيمته يوم استهلكه ، فإن كان ذلك مما يكال أو يوزن فعليه المثل ، وظاهر هذا أن التلف إذا كان من جهة البائع ضمنه ، ولم يبطل العقد ، ولا يخير المشتري ، ويتلخص من هذا أن في تلف البائع ثلاثة أقوال ، والقاضي قال : يجب أن يحمل هذا النص على أنه اختار الإمضاء ، أما إن اختار الفسخ فله ذلك ، كما إذا ظهر على عيب بعد القبض ، فإنه يخير بين الإمضاء وبين الفسخ . ( قلت ) : وليس هذا نظير المسألة ، إنما نظيرها أن يظهر على عيب بعد التلف ، وإذاً لا تخيير على المعروف ، انتهى . .
والعوض مثله إن كان مثلياً ، أو قيمته إن لم يكن مثلياً ، كما نص عليه أحمد ، وقاله جماعة ، ووقع لأبي البركات وجماعة أن الواجب القيمة ، فقيل : مرادهم كما تقدم ، وأرادوا بالقيمة البدل الشرعي . وكان شيخنا رحمه اللَّه ورضي عنه القاضي موفق الدين ينصر أن المراد القيمة على ظاهرها ، انتصاراً للمجد ، إذ هو في كلامه أظهر منه في كلام غيره ، ونظراً إلى تحقيقه ، ويعلله بما ملخصه : أن الملك هنا استقر على المالية ، فلذلك وجبت القيمة ، والمثلية لم يستقر الملك عليها ، فلذلك لم تجب ، ونص ابن سعيد يقطع النزاع . واللَّه أعلم . .
( تنبيهان ) : ( أحدهما ) : إذا اختلط ما تقدم بغيره ولم يتميز ، فإنه يبنى على أن الخلط هل هو بمنزلة الإتلاف أم لا ؟ فيه وجهان ، ومحل ذلك كتاب الغصب ، ولو تلف بعض المبيع بآفة سماوية انفسخ في قدره ، وفي الباقي قولاً تفريق الصفقة ، قال في التلخيص : والذي قطع به الشيخان عدم الفسخ في الباقي ، لكن يخير المشتري ، لتفريق الصفقة عليه ، ثم ظاهر كلام أبي محمد أنه يخير بين قبول كل المبيع ناقصاً ولا