@ 560 @ قدر على الهدي ، وألا يصوم بعد الأيام ، قيل له : بمكة أو في الطريق ؟ قال : كيف شاء . ومراده باويام واللَّه أعلم أيام التشريق ، وذلك لأنه متمتع صام بعد الفراغ من النسك ، في وقت يصح فيه الصوم ، فوجب أن يجزئه إذا لم يكن معه هدي ، كما لو رجع إلى وطنه ، وأما قوله تعالى : { وسبعة إذا رجعتم } فيحتمل : إذا رجعتم من الحج . أي رجعتم إلى ما كنتم عليه من الحل ، وعلى هذا فحديث ابن عمر رضي اللَّه عنه السابق بين الاستحباب ، والآية بينت الجواز ، ويحتمل أن المراد بالرجوع في الآية الرجوع إلى الأهل كالحديث ، ولا ينافي ذلك مدعانا ، لأن معنى الآية إذاً : وسبعة في وقت رجوعكم إلى أهليكم ، وبالفراغ من الحج غالباً يشرع في الرجوع إلى الأهل فيجوز الصوم ، ولو سلم أن المراد بالرجوع إلى الأهل الحصول في الأهل ذلك رخصة من الشارع ، تخفيفاً على المكلف ورفقاً به ، ولا إشكال في مطلوبية ذلك ، ويجوز معه الأخذ بالعزيمة والفعل وقت الوجوب . .
( تنبيه ) : هنا سؤالات ( أحدها ) كيف جاز تقديم الصوم قبل وجوبه ؟ وجوابه أنه كتقديم الزكاة والكفارة ونحوهما ، مما يقدم بعد سببه ، وقبل وجوبه . ( ثانيها ) أن الصوم بدل عن الهدي ولا ينتقل إلى البدل إلا عند العجز عن المبدل ، ولا يتحقق العجز إلا في وقت الوجوب ووقت الوجوب عندهم على المشهور يوم النحر ؟ ) $ $ 16 ( وجوابه أنا اكتفينا بالعجز الظاهر ، إذ الأصل استمراره . ( وثالثها ) أن وقت الوجوب على زعمهم يدخل بيوم النحر ، ولا يجوز الصوم إذاً ، بل ولا يصح ، وإذا فعله بعد ، فعله قضاء كما صرح به القاضي وغيره ، فهذا واجب ليس له وقت أداء أصلاً ، وإنما يفعل قبل وقته على سبيل التعجيل ، وأبلغ من هذا أنه لو لم يعجل وأخر إلى وقت الوجوب وجب عليه دم على رواية ، ولا يعرف لهذا نظير إلا أن يقال : الحائض يتعلق بها وجوب الصوم ، ولا يتصور في حقها ، وكذلك من أدرك من الوقت قدر تكبيرة ، لأنا نقول ثم : الفعل له وقت إذاً في الجملة ، وإن تعذر في فرد . .
ولو قيل إن الوجوب بالإحرام بالحج ، كما هو ظاهر كلام أحمد ، بل ليس في كلامه ما يدل على خلافه ، لسلمنا من هذه الإيرادات أو غالبها ، واللَّه أعلم . .
قال : فإن لم يصم قبل يوم النحر صام أيام منى ، في إحدى الروايتين عن أبي عبد اللَّه رحمه اللَّه ، والرواية الأخرى : لا يصوم أيام منى ، ويصوم بعد ذلك عشرة أيام ، وعليه دم . .
ش : أيام منى أيام التشريق ، وقد تقدم كلام الخرقي في أنه هل يصومها عن الفرض أو لا ؟ وتقدم الكلام عليه ، فلا حاجة إلى إعادته . .
لكن هنا شيء آخر ، وهو أنه إذا أخر صوم الثلاثة عن يوم النحر ، وعن أيام منى ، لمنعه من الصوم فيها أو مطلقاً ، فإنه يقضيها فيما بعد ، لأنه واجب ، فلا يسقط [ بخروج ] وقته ، كصوم رمضان ، وبناء على أصلنا ، وهو أن القضاء بالأمر الأول لا بأمر