@ 470 @ .
فإن لم يجد ماء سن له التيمم عند القاضي ، لأنه قائم مقامه ، فشرع كالغسل الواجب ، ولم يسن له التيمم عند أبي محمد ، لأنه غسل مسنون ، أشبه غسل الجمعة ، ولفوات المقصود منه وهو التنظيف . .
وقد أشعر كلام الخرقي بأن المطلوب أن لا يحرم الإنسان بالحج إلا من الميقات المكاني ، وفي الميقات الزماني ، أما الأول فقد تقدم ، وأما الثاني فلا ريب فيه ، بحيث لو أحرم قبل ذلك كره ، قياساً على الميقات المكاني وخروجاً من الخلاف ، فإن بعض العلماء لا يصحح إحرامه بالحج قبل أشهره ، وهو رواية عن أحمد رحمه اللَّه ، ويحتمله كلام الخرقي ، لظاهر قول اللَّه تعالى 19 ( { الحج أشهر معلومات } ) أي وقت الحج أشهر معلومات ، وإذا كان هذا وقته فلا يجوز تقديم شيء منه عليه كوقت الصلاة . .
1466 وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما : 16 ( من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج ) . رواه البخاري . أي الطريقة والشريعة ، هذا هو الظاهر ( والمذهب ) المنصوص المختار للأصحاب صحة الحج قبلها ، قياساً على الميقات المكاني ، ولإطلاق قوله تعالى 19 ( { يسألونك عن الأهلة ، قل هي مواقيت للناس والحج } ) ظاهره أن جميع الأهلة مواقيت الحج ، وتحمل الآية الكريمة السابقة على ما عدا الإحرام من أفعال الحج ، أو يقال : الإحرام مستصحب ، فيكتفي بالجزء الواقع فيها ، فما خرج شيء من أفعال الحج عنها ، والسنة في قول ابن عباس يحتلم أنها المقابلة للواجب . .
1467 كما في قول النبي ( إن اللَّه فرض صيام رمضان ، وسننت أنا قيامه ) . .
وعلى الرواية الأولى ولعلها أظهر إذا أحرم بالحج صح عمرة ، لصحة الإحرام بها في كل السنة ، ومجرد الإحرام يقتضي أفعالها ، وهو الطواف والسعي والحلق ، وما زاد على ذلك مختص بالحج ، وإذا بطل الخصوص بقي العموم فهو كما لو أحرم بالصلاة قبل وقتها ، لكن يقال على هذا بأن اقتضاء الإحرام لأفعالها لا يقتضي أنه إذا بطل الحج أنه تحصل له عمرة ، إذ العمرة نسك آخر ، فهو كالعصر إذا نقلها للظهر لا تصح ظهراً ، غايته أن يقال : يتحلل بعمل عمرة . .
وقد يبني الخلاف في انعقاد الحج قبل أشهره على الخلاف في الإحرام ، هل هو شرط أو ركن ؟ فإن قلنا ركن لم يصح ، إذ ركن العبادة لا يصح في غير وقتها ، وقد يقال : على القول بالشرطية لا يصح أيضاً ، لأن بالإحرام دخل في الحج ، فيلزم إيقاع جزء من العبادة في غير وقتها ، والانفصال عن هذا جميعه بأنا لا نسلم أن هذه الأشهر هي الوقت له ، بل جميع السنة وقت له ، واللَّه تعالى أعلم .