@ 461 @ يكون مال الكتابة مما يفسد ، كالعنب والبطيخ ، أو يخاف تلفه كالحيوان ، أو حديثه خيرا من قديمه ، أو يحتاج إلى خزن كالقطن ، أو سلمة في بلد مخوف ، .
أو طريق مخوف ونحو ذلك ، لأن فيه التزام ضرر لم يقتضه العقد ، وإنه منفي شرعاً ، بدليل قوله عليه السلام : ( لا ضرر ولا ضرار ) وبذلك قطع أبو البركات ، واختاره أبو محمد في المغني ، وابن حمدان ، واختار القاضي في روايتيه طريقة ثالثة : إن كان في القبض ضرر وإلا فروايتان ، وتبعه على ذلك أبو محمد في الكافي ، وحيث قيل : يلزمه القبول فامتنع جعله الإمام في بيت المال ، وحكم بعتق العبد كما نقل عن عمر رضي اللَّه عنه واللَّه أعلم . .
قال : والرواية الأخرى إذا ملك ما يؤدي فقد صار حراً . .
ش : هذه الرواية لا ترجع إلى ما سبق الكلام له ، وهو لزوم قبض ما عجل ، وإنما ترجع إلى ما تضمنه اللفظ ، وفهم من سياقه ، وهو أنه إذا أدى عتق ، ومقتضاه أنه لا يعتق قبل ذلك ، فحكى رواية أخرى أنه يعتق بمجرد ملك الوفاء ، وقد تقدم ذلك والإشارة إلى دليله ، فلا حاجة إلى إعادته ، واللَّه أعلم . .
قال : وإذا أدى بعض كتابته ، ومات وفي يده وفاء وفضل ، فهو لسيده في إحدى الروايتين ، والرواية الأخرى لسيدة بقية كتابته ، والباقي لورثته . .
ش : ( وقد تضمنت الرواية الأولى ) أن الكتابة تنفسخ بموت العبد ، سواء خلف وفاء أم لا ، وهذا هو المشهور من الروايتين ، والمختار للقاضي وعامة أصحابه ، وأبي محمد ، لما تقدم من قوله عليه السلام : ( المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ) والأصل بقاء ذلك بعد الموت ، ولأنه عتق معلق بشرط مطلق ، فانقطع بالموت ، كما لو قال : إذا أديت إلي ألفاً فأنت حر . وعلى هذا ما في يده لسيده ، ( وتضمنت الثانية ) أن الكتابة لا تنفسخ إذا خلف وفاء ، وهي اختيار أبي بكر ، لأنه عقد معاوضة ، لا ينفسخ بموت أحد المتعاقدين وهو السيد ، فلا ينفسخ بموت الآخر كالبيع ، وفرق بأن كل واحد من المتبايعين غير معقود عليه ، والمكاتب معقود عليه ، فهو كتلف البيع قبل قبضه ، فعلى هذا يؤدي عنه بعد وفاته ، وما فضل فلوارثه المناسب ، وإن لم يكن فلسيده بالولاء ، قال القاضي : ويعتق في آخر جزء من حياته ، وهذا ظاهر الرواية ، فالمسألة غير مبنية على التي قبلها ، وقال أبو محمد : يحتمل أن تبنى على التي قبلها ، فإن قيل ثَمَّ إنه لا يعتق بملك ما يؤدي فقد مات رقيقاً ، فانفسخت الكتابة بموته ، وما في يده لسيده ، وإن قيل ثَمَّ : إنه يعتق بملك ما يؤدي فقد مات حراً ، فلسيده بقية كتابته ، لأنه دين له عليه ، وما بقي فلوارثه انتهى . .
ولا تختلف الرواية أنه إذا لم يخلف وفاء أن الكتابة تبطل بموته ، قال أبو محمد : إلا أن يموت بعد أداء ثلاثة أرباع الكتابة ، فإن مقتضى قول القاضي وأبي بكر ومن وافقهما أنه يموت حراً ، انتهى . وقد تقدم الطعن في هذا النقل ، ثم إن هذه المسألة