@ 345 @ إلا أن يكون أراد اجتناب الدسم ، فيحنث بأكل الشحم . .
ش : أما مع عدم الإرادة فلأن الشحم والمخ وهو الذي في العظام والدماغ وهو الذي في الرأس في قحفه ليسوا بلحم حقيقة ولا عرفاً ، فالحالف لا يأكل لحماً لا يحنث بذلك ، لعدم تناول يمينه له ، وعلى قياس ذلك الألية وكل ما لا يسمى لحماً ، كالكبد والطحال ، والرئة والمصران ، والكرش والقانصة ، والقلب والأكارع والكلية ، وكذلك ما كان لحماً إلا أنه اختص باسم ، إما لغة أو عرفاً ، كلحم خد الرأس ، على ظاهر كلام أحمد ، واختيار القاضي ، وكاللسان على أظهر الاحتمالين ، وعن أبي الخطاب : يحنث بأكل لحم الخد ، وهو مناقض لاختياره في الهداية ، فيما إذا حلف لا يأكل رأساً ؛ لا يحنث إلا بأكل رأس جرت العادة بأكله منفرداً ، فغلب العرف ، مع أنه قد يقال : إنه عرف فعلي ولم يغلب هنا العرف مع أنه نقلي ، وقد ناقض القاضي أيضاً قوله هذا فقال تبعاً لابن أبي موسى فيما إذا أكل هنا مرقاً يحنث ، لأنه لا يخلو من أجزاء لحم تذوب فيه ، وجرى أبو الخطاب على الصواب ، وتبعه الشيخان فقالا : لا يحنث . لأنه على تقدير تسليم أن فيه أجزاء لحم ذائبة فذلك لا يسمى لحماً ، لا حقيقة ولا عرفاً ، وأحمد قال في رواية صالح لا يعجبني . اه . .
وأما مع إرادة الدسم ، فظاهر كلام الخرقي أنه لا يحنث بشيء من ذلك إلا بالشحم ، لأنه المتبادر من إرادة الدسم ، وقال الشيخان وغيرهما من الأصحاب : يحنث بجميع ذلك ، لوجود الاسم فيه . .
( تنبيه ) اختلف في بياض اللحم كسمين الظهر ونحوه ( هل حكمه حكم اللحم ) فيحنث من حلف لا يأكل لحماً فأكله ، وهو قول ابن حامد والقاضي ، وظاهر كلام أبي البركات أن المسألة اتفاقية ، لدخوله في مسمى اللحم ، ولهذا لو اشتراه من وكل في شراء لحم لزم موكله ، ( أو حكم الشحم ) فيحنث من حلف لا يأكل شحماً فأكله ، وهو اختيار أكثر الأصحاب ، القاضي والشريف ، وأبي الخطاب والشيرازي وابن عقيل ، واختيار أبي محمد ، وقال : إنه ظاهر كلام الخرقي ، وقول طلحة العاقولي ، لشبهه للشحم في صفته وذوبه ، ولأن الله تعالى استثناه من الشحم حيث قال : 19 ( { ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما } ) الآية ؟ على قولين ، وفي كلا الدليلين نظر . إذ مجرد شبه الشيء بالشيء لا يقتضي أن يسمى باسمه ، ويعطى حكمه ، على أن شبه سمين الظهر بالألية أقرب من شبهه بالشحم ، وأما الاستثناء فقال البغوي وغيره : 19 ( { إلا ما حملت ظهورهما } ) أي ما علق بالظهر والجنب من داخل بطونهما اه فالمستثنى شحم حقيقة وعرفا ، إلا أن الله تعالى أرخص لهم فيه دفعاً للحرج عنهم ، والله أعلم . .
قال : فإن حلف أن لا يأكل الشحم فأكل اللحم حنث ، لأن اللحم لا يخلو من شحم .