@ 231 @ فرات بن حيان رضي الله عنه أن رسول الله أمر بقتله ، وكان عيناً لأبي سفيان ، وحليفاً لرجل من الأنصار ، فمر بحليفه من الأنصار ، فقال : إني مسلم . فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله إنه يقول : إنه مسلم . فقال رسول الله : ( إن منكم رجالًا نكلهم إلى إيمانهم منهم فرات بن حيان ) . رواه أحمد وأبو داود ، وترجمه بحكم الجاسوس الذمي . .
3498 وجاء في الزنا ما روي أن عمر رضي الله عنه رفع إليه رجل قد أراد استكراه امرأة مسلمة على الزنا ، فقال : ما على هذا صالحناكم . وأمر به فصلب في بيت المقدس ، وبقية الصور في معنى ذلك ، وحكى كثير من أصحاب القاضي ، وتبعهم أبو محمد رواية أخرى بعدم النقض بذلك ما لم يشترط عليهم ، على رأي الخرقي ، وقال أبو البركات : إنهم خرجوها من نصه في القذف ، واختار هو التفرقة ، وتقرير النصوص على بابها . .
( الرابع ) ما عدا ذلك من عدم إظهار المنكر ، وعدم رفع صوتهم بكتابهم ، ونحو ذلك مما هو مذكور في أحكام الذمة ، فهذا لا خلاف فيما أعلمه أنه إذا لم يشترط عليهم لا ينتقض به عهدهم ، وأما إن شرط عليهم فقولان ، اختار الخرقي النقض كما تقدم ، واختيار الأكثرين عدمه ، وحيث لم ينتقض العهد فإنه يلزمه موجب ما فعله من حد أو قصاص وإلا يعزر ، قال أبو محمد : وفعل به ما ينكف به أمثاله عن فعله ، وحيث انتقض العهد به فإن كان بسب الرسول تعين قتله كما تقدم ، وإن أسلم على المذهب ، وإن كان بغير ذلك فظاهر كلام الخرقي تعين قتله ، وهو المنصوص ، وظاهر قصة فرات بن حيان ، وقطع فيه أبو محمد بالتخيير كالأسير الحربي ، وهو اختيار القاضي . .
ومن انتقض عهده في نفسه انتقض عهده في ماله ، على ما قاله الخرقي ، وهو ظاهر كلام الإِمام ، واختيار أبي البركات فيكون فيئاً ، لأن المال لا حرمة له في نفسه ، إنما هو تابع لمالكه حقيقة ، وقد انتقض عهد المالك في نفسه ، فكذلك في ماله ، ( وقال أبو بكر ) لا ينتقض العهد في ماله ، كما لا ينتقض في نسائه وذريته على ما تقدم ، فعلى هذا يدفع إليه إن طلبه ، وإن مات فهو لورثته ، فإن لم يكن له وارث فهو فيء . .
قال : ومن هرب إلى دار الحرب من ذمتنا ناقضاً للعهد عاد حربا لنا . .
ش : يعني أنه يصير حكمه حكم الحربي الأصلي ، فيخير الإِمام فيه إذا قدر عليه كالأسير الحربي ، وينتقض عهد ماله إعمالًا لحكم الدار ، ولا خلاف فيما أعلمه في التخيير ، أما انتقاض عهد ماله ففيه الخلاف ، فإذا قيل بعدم النقض فيه فقد تقدم أنه يعطاه إن طلبه ، وإن مات فهو لورثته ، ولو لم يمت حتى أسر واسترق فقيل يوقف ماله ، ثم إن عتق رد إليه وإن مات رقيقاً ففي كونه فيئا أو لورثته لو كان حراً وجهان ، واختار أبو البركات أنه يصير فيئا بمجرد استرقاقه ، والله سبحانه وتعالى أعلم . .