@ 215 @ .
3460 ويروى أن عمر كان يوماً في خطبته إذ قال : 16 ( يا سارية بن زنيم الجبل ، ظلم الذئب من استرعاه الغنم . فأنكرها الناس ، فقال علي رضي الله عنه : دعوه فلما نزل سألوه عما قال ، فلم يعترف به ، وكان قد بعث سارية إلى ناحية العراق ليغزوهم ، فلما قدم ذلك الجيش أخبروا أنهم لقوا عدوهم يوم جمعة فظهر عليهم ، فسمعوا صوت عمر رضي الله عنه فتحيزوا إلى الجبل ، فنجوا من عدوهم ، وانتصروا عليهم ) . .
3461 ويروى عنه أيضاً أنه قال : أنا فئة كل مسلم ، وكان بالمدينة ، وجيوشه بمصر والعراق والشام وخراسان . رواه سعيد . .
3462 وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كنت في سرية من سرايا رسول الله ، فحاص الناس حيصة ، فكنت فيمن حاص ، فقلنا : كيف نصنع وقد فررنا من الزحف ؟ وبؤنا بالغضب ، ثم قلنا : لو دخلنا المدينة فبتنا ، ثم قلنا : لو عرضنا أنفسنا على رسول الله فإن كانت لنا توبة وإلا ذهبنا ، فأتيناه قبل صلاة الغداة فخرج فقال : ( من الفرارون ؟ ) فقلنا : نحن الفرارون . قال : ( لا بل أنتم العكارون ، أنا فئتكم وفئة المسلمين ) قال فأتيناه حتى قبلنا يده . رواه أحمد وأبو داود . وقوله : حاصوا حيصة ، أي حادوا حيدة . ومنه قوله تعالى : 19 ( { ما لهم من محيص } ) . .
وقول الخرقي : ومباح له أن يهرب من ثلاثة . ذكره على سبيل المثال ، والمراد أنه يباح للمسلمين الفرار مما زاد على مثليهم . هذا هو المعروف ، واختار أبو العباس تفصيلًا ملخصه أن القتال لا يخلو إما أن يكون قتال دفع أو طلب ، ( فالأول ) كأن يكون العدو كثيراً لا يطيقهم المسلمون ، ويخافون أنهم إن انصرفوا عنهم عطفوا على من تخلف من المسلمين ، قال : فهنا قد صرح أصحابنا بأنه يجب عليهم أن يبذلوا مهجهم في الدفع حتى يسلموا ، ونظير ذلك أن يهجم العدو على بلاد المسلمين ، والمقاتلة أقل من النصف ، لكن إن انصرفوا استولوا على الحريم ، ( والثاني ) لا يخلو إما أن يكون بعد المصافة أو قبلها ، فقبلها هي مسألة الكتاب ، وبعدها حين الشروع في القتال لا يجوز الإدبار مطلقاً إلا لتحرف أو تحيز ، كما دل عليه قوله سبحانه : 19 ( { إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار } ) وقصة بدر مرادة منها ، والمشركون إذ ذاك ثلاثة أضعاف المسلمين ، مع أحاديث الفرار من الزحف ، ومفهوم آية الأنفال الناسخة تحمل على ما قبل الشروع ، إذ المفهوم يكتفي فيه بمطلق المخالفة اه . .
وظاهر كلامه أنه يباح لهم الفرار والحال هذه وإن غلب على ظنهم الظفر ، وهو المعروف عن الأصحاب ، عملًا بإطلاق الآية الكريمة ، ولأبي محمد في المغني احتمال بوجوب الثبات والحال هذه ، لما فيه من المصلحة ، وهو ظاهر كلامه في المقنع ،