@ 114 @ وغيرهما ليس في معناهما ، وأما العقل فلأن غير العاقل لا يعير بالزنا ، لعدم تكليفه ، والحد إنما وجب دفعاً للعار عن المقذوف ، وأما العفة عن الزنا فلأن غير العفيف لا يشينه القذف ، والحد إنما وجب من أجل ذلك ، وقد أسقط الله تعالى الحد عن القاذف إذا كانت له بينة بما قال ، وأما كونه مثله يجامع فلأن غير ذلك لا يعير بالقذف ، لتحقق كذب القاذف ، والقذف إنما وجب لذلك ، وأقل من يجامع مثله أن يكون له عشر سنين إن كان ذكراً ، أو تسع سنين إن كان أنثى ، كذا ذكر أبو محمد تبعاً لظاهر كلام الخرقي . .
وأما اشتراط البلوغ على رواية قيل إنها مخرجة ، وليست بمنصوصة . فلأن غير البالغ غير مكلف أشبه المجنون ، وأما عدم اشتراطه على أخرى وهو مقتضى كلام الخرقي ، وقطع بها القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافاتهم ، والشيرازي وابن عقيل في التذكرة فلأن ابن عشر سنين ونحوه يلحقه الشين بإضافة الزنا إليه . ويعير بذلك ، ولهذا جعل عيباً في الرقيق ، وأشبه البالغ . وأما اشتراط السلامة من وطء الشبهة وعدمه ، فلعل مبنى ذلك على أن وطء الشبهة هل يوصف بالتحريم أم لا ، وقد تقدم عن القاضي أنه وصفه بالتحريم ، وأن ظاهر كلام الخرقي وجماعة عدم وصفه بذلك ، وكذلك ظاهر كلام جماعة هنا أنه لا يشترط السلامة من ذلك . .
( تنبيه ) : ظاهر كلام الأصحاب أنه لا يشترط العدالة ، بل لو كان المقذوف فاسقاً لشرب خمر ونحوه أو لبدعة ، ولم يعرف بالزنا ، فإن الحد يجب بقذفه ، وقال الشيرازي : لا يجب الحد بقذف مبتدع ولا مبتدعة . .
( الشرط الثاني ) في المقذوف مطالبته بالقذف ، لأنه حق له ، فلا يستوفى بدون طلبه كبقية حقوقه . وهذا سواء قلنا : إنه للقاذف محض حق له ، كما هو المنصوص ، والمختار للأصحاب ، أو قلنا : هو حق الله تعالى ، وليست بالبينة ، لأنه أذى للآدمي فيه حق ، قطعاً للأذى الحاصل له ، مع أن مقتضى كلام أبي البركات نفي الخلاف رأساً ، والقطع بأنه حق للآدمي ، وهو الصواب ، وبيان ذلك له محل آخر ، وتعتبر استدامة الطلب إلى إقامة الحد ، فلو طالب ثم عفى عن الحد سقط ، على المذهب وعلى الرواية المحكية بأنه حق لله تعالى لا يسقط بالعفو . .
( تنبيهان ) : أحدهما إذا وجب الحد بقذف من لم يبلغ لم يقم حتى يبلغ ويطالب ، لعدم اعتبار كلامه قبل البلوغ ، وليس لوليه المطالبة ، حذاراً من فوات التشفي ، ولو قذف غائباً اعتبر قدومه وطلبه ، إلا أن يثبت أنه طالب في غيبته ، فيقام على المذهب ، وقيل : لا ، لاحتمال عفوه ، ولو قذف عاقلاً فجن أو أغمي عليه قبل الطلب ، لم يقم حتى يفيق ويطالب ، فإن كان قد طالب ثم جن أو أغمي عليه جازت إقامته . ( الثاني ) : يستثنى مما تقدم الوالد لا يحد بقذف ولده ، والله أعلم . .
قال : وإن كان القاذف عبداً أو أمة جلد أربعين ، بدون السوط الذي يجلد به الحر .