@ 89 @ موضع قلنا : لا تقبل التوبة فلا استتابة ، لعدم فائدتها ، وكل موضع قلنا بقبول التوبة فإنه لا يقتل حتى يستتاب ، احتياطاً للدماء . .
3084 وعن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري ، عن أبيه قال : قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في زمن خلافته رجل من أهل اليمن من قبل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، وكان عاملاً له ، فسأله عمر رضي الله عنه عن الناس ، ثم قال : 16 ( ( هل فيكم من مغربة خبر ) ) قال : نعم ، رجل كفر بعد إسلامه ، قال : فما فعلتم به ؟ قال : قربناه فضربنا عنقه . قال : فهلا حبستموه ثلاثاً ، وأطعمتموه كل يوم رغيفاً ، واستتبتموه ، لعله يتوب ويراجع أمر الله تعالى ، اللهمّ إني لم أحضر ولم آمر ، ولم أرض إذ بلغني . . . رواه مالك في موطئه والشافعي في مسنده . . . وهل ذلك على سبيل الاستحباب ، لظاهر ( من بدل دينه فاقتلوه ) . .
3085 وفي حديث لأبي موسى رضي الله عنه أن النبي قال له : ( اذهب إلى اليمن ) ثم أتبعه معاذ بن جبل رضي الله عنه فلما قدم عليه ألقى له وسادة ، وقال : انزل ؛ وإذا رجل عنده موثق ، قال : ما هذا ؟ قال : كان يهودياً فأسلم ثم تهوّد ، قال : لا أجلس حتى يقتل ، قضاء الله ورسوله . . . متفق عليه ، ولأحمد : قضى الله ورسوله أن من رجع عن دينه فاقتلوه ، وظاهر ذلك من غير استتابة ، وإنكار عمر رضي الله عنه يحمل على الاستحباب ، لأنهم كانوا ينكرون في المستحب ، أو على الوجوب ، وهو المذهب عند الأصحاب ، لظاهر قصة عمر ، وحديث جابر الذي رواه ابن عدي ، وبذلك يتقيد ما تقدم ، على أن في حديث أبي موسى الأشعري في رواية أبي داود : وكان قد استتيب قبل ذلك بعشرين ليلة أو قريباً منها ، فجاء معاذ : فدعاه فأبى ، فضرب عنقه ، إلا أن أبا داود قال : قد روي هذا الحديث من طرق ، وليس فيه ذكر الاستتابة ، انتهى . .
ويستتاب ثلاثاً اتباعاً ، لقول عمر رضي الله عنه : 16 ( هلا حبستموه ثلاثاً ، ويضيق عليه ، لقوله أيضاً : وأطعمتموه كل يوم رغيفاً ) ، والله أعلم . .
( تنبيه ) : ( الزنديق ) هو الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر ، وهو الذي كان يسمى منافقاً في الصدر الأول ، و ( رجز مسيلمة ) و ( حنة ) هنا بمعنى الأحنة ، وهي العداوة ، قال الجوهري : ولا تقل حنة ، وقال الهروي : هي لغة رديئة ، وقد جاءت ( ومغربة خبر ) بكسر الراء وفتحها ، وأصله من الغرب وهو البعد ، المعنى : هل من خبر جديد ، جاء من بلد بعيد ، ( والموثق ) المأسور المشدود في الوثاق من حبل أو قيد ، و ( الوسادة ) المخدة .