@ 68 @ الأنصاري بينة ، قال لهم النبي : ( أتحلفون وتستحقون قاتلكم ) ، وفي لفظ قال : ( يقسم خمسون منكم على رجل منهم ، فيدفع برمته ) فجعل رسول الله أن الأولياء يقسمون على القاتل ويستحقونه . .
أما من جهة التفصيل فقول الخرقي : وإن كان بينهم عداوة ولوث تنبيه على أن القسامة المذكورة من شرطها ذلك ، وهو كذلك بلا ريب ، لأن الحديث ورد على مثل ذلك ، وهو المثبت للقسامة ، فلا يتعداه ، ولأنه مع العداوة ونحوها يغلب على الظن صدق المدعين ، فتكون اليمين في جهتهم ، إذ اليمين في جنبة أقوى المتداعيين ، ولا نزاع عن إمامنا وأصحابنا أن الحكم يثبت بالعداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه ، كنحو ما بين الأنصار وأهل خيبر ، وكما بين القبائل التي يطلب بعضها بالثأر ، وكما بين أهل البغي وأهل العدل ، وبين الشرطة واللصوص ، ونحو ذلك ، نظراً إلى واقعة الحديث ، وما في معناها ، من حيث أن لا فارق ، فهو كقياس الشيرج على السمن ، والأمة على العبد . .
واختلف عن إمامنا هل يقتصر على ذلك ، وبه قطع جماعة من الأصحاب ، وقال أبو الخطاب : إنه اختيار عامتهم ، اقتصاراً على مورد النص وما في معناه ، أو يتعدى ذلك إلى كل ما يغلب على الظن صحة الدعوى ، كتفرق جماعة عن قتيل ، ووجود قتيل عند من معه سيف ملطخ بدم ، وشهادة من لا يثبت القتل بشهادته ، كالعدل الواحد ، أو النساء أو الصبيان ، أو الفساق ونحو ذلك ، إناطة بغلبة الظن ، لأن ذلك معنى مناسب ، ولأن كثيراً من الأحكام يناط بها ؟ على روايتين ثم قول الخرقي : عداوة ولوث ، ظاهره أنه لا بد من الجمع بينهما ، فيحتمل أن يريد أنه لا يكتفي بمجرد العداوة ، بل لا بد من قدر زائد ، وهو ( إما ) ظهور العداوة كما تقدم ، وعبر عن ذلك باللوث ، ( وإما ) أن لا يكون في الموضع الذي وقع به القتل غير العدو ، كما هو رأي القاضي في موضع ، لكن منصوص أحمد أن ذلك لا يشترط ، وكذلك وقع للقاضي في موضع ، قال في قوم ازدحموا في مضيق ، فافترقوا عن قتيل : إن كان في القوم من بينه وبين عداوة ، وأمكن أن يكون هو قتله ، لكونه يقر به فهو لوث ، ( وإما ) أن يكون بالقتيل مع العداوة أثر القتل . وقد اختلف عن أحمد هل فقد الأثر قادح في اللوث لضعف غلبة الظن إذاً ، إذ القتل لا يخلو غالباً من أثر ، ولأن الواقعة التي وقعت في الأنصاري كان به أثر القتل ، لأنه كان يتشحط في دمه قتيلاً وهذا اختيار أبي بكر أو ليس بقادح ، لأن القتل لا يستلزم الأثر ، لأنه قد يغمه أو يعصر خصيتيه ، ونحو ذلك وهو اختيار القاضي وجماعة من أصحابه ، والشريف وابن البنا ، وأبي الخطاب والشيرازي وغيرهم ؟ على روايتين ( وإما ) أن الواو بمعنى أو ، ويكون مختاره الرواية الثانية ، انتهى . .
وقوله : وادعى أولياؤه ، ظاهره أنه لا بد من اتفاق جميع الأولياء في الدعوى على المتهم بقتله .