الرابع تقدم خطبتين لقوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله والذكر هو الخطبة والأمر بالسعي إليه دليل وجوبه ولمواظبته صلى الله عليه وسلم عليهما لقول ابن عمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس متفق عليه وقال صلوا كما رأيتموني أصلي وعن عمر وعائشة قصرت الصلاة من أجل الخطبة واشترط تقديمهما على الصلاة لفعله صلى الله عليه وسلم بخلاف غيرها لأنها شرط في صحة الجمعة والشرط مقدم أو لاشتغال الناس بمعايشهم فقدما لأجل التدارك بدل ركعتين لما تقدم عن عمر وعائشة و لا يقال إنهما بدل ركعتين من الظهر لأن الجمعة ليست بدلا عن الظهر بل الظهر بدل عنها إذا فاتت وقيل لا بدلية أي ليست الخطبتان بدل ركعتين وهو أظهر قال في الرعاية الكبرى وهاتان الخطبتان بدل عن ركعتين قلت هذا إن قلنا إنها ظهر مقصورة وإن قلنا أنها تامة فلا انتهى ولا بأس بقراءتهما أي خطبتين من صحيفة ولو ممن يحسنهما كقراءة الفاتحة من مصحف ولحصول المقصود وشرطهما أي الخطبتين وقت والمراد بالشرط هنا ما يتوقف عليه الصحة أعم من أن يكون داخلا أو خارجا ونيته لحديث إنما الأعمال بالنيات ووقوعها حضرا لأن الاستيطان شرط للخطبتين فلو كان أربعون مسافرين في سفينة فلما قربوا من قريتهم خطبهم أحدهم في وقت الجمعة ووصلوا القرية عند فراغ الخطبة استأنفها بهم