خصوصا الدخان فقد كثر فيه القيل والقال وألف فيه الرسائل القصار والطوال فتشتت فيه فكر الأنام وتحير في شأنه الخواص والعوام وما الناس يخوضون في شربه بالكلام إلى أن صاروا فيه على أربعة أقسام قسم ساكتون عن البحث عنه وقسم قائلون باباحته كالمصنف وغيره وقسم قائلون بكراهته وقسم آخر متعصبون لحرمته ممن ينتسبون إلى العلم والصلاح ولم يسلم لهم ذلك وإنما كل عالم محقق له اطلاع على أصول الدين وفروعه إذا خلا من الميل مع الهوى النفساني وسئل الآن عن شربه بعد اشتهاره ومعرفة الناس به وبطلان دعوى المدلسين فيه باضراره للعقل والبدن لا يجيب إلا بإباحته لأن الأصل في الأشياء التي لا ضرر فيها ولا نص تحريم الحل والإباحة حتى يرد الشرع بالتحريم لا الحظر واتفق المحققون على أن تحكم العقل والرأي بلا مستند شرعي باطل إذ ليس الصلاح بتحريمه والتحكم في أحكام الشريعة بالآراء العقلية والقياسات الوهمية وإنما الصلاح والدين المحافظة بالاتباع للأحكام الواردة عن الأئمة المجتهدين من فرائض ومستحبات ومحرمات ومكروهات ومباحات بلا تفسير ولا تبديل في سائر الحالات وهل الطعن في أكثر الناس من أهل الإيمان والحكم عليهم بالفسق والطغيان صلاح أم فساد بين الإخوان والعامة من هذه الأمة فضلا عن الخاصة فإنهم لا يجتمعون على ضلالة وقد وثق الله هذه الأمة بقوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس وقوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا أي عدولا فإن قيل متى حدث شرب هذا الدخان أجيب أنه حدث في حدود الألف وكان حدوثه أولا في بلاد الانكليز وأتى به رجل من الحكماء إلى أرض المغرب وعرضه