الابتداع أقرب منه إلى الاتباع وإلى الجهل أقرب منه إلى العدل غير أن المصيب يتعلق من الآثار بكل واضح مشهور والمريب يتعلق بكل متشابه مغمور .
وأعجب من ذلك قولك فيما ادعيت على أبي معاوية في تفسير هذا النزول ثم قلت ويحتمل ما قال أبو معاوية أن نزوله أمره وسلطانه كما ترون القرآن يجيء يوم القيامة شافعا مشفعا وماحلا مصدقا فقالوا معنى ذلك أنه ثوابه فإن جاز لهم هذا التأويل في القرآن جاز لنا أن نقول إن نزوله أمره ورحمته .
فيقال لهذا المعارض لقد قست بغير أصل ولا مثال لأن العلماء قد علموا أن القرآن كلام والكلام لا يقوم بنفسه شيئا قائما حتى تقيمه الألسن ويستلين عليها وإنه بنفسه لا يقدر على المجيء والتحرك والنزول بغير منزل ولا محرك إلا أن يؤتى به وينزل والله تعالى حي قيوم ملك عظيم قائم بنفسه في عزه وبهائه يفعل ما يشاء كما يشاء وينزل بلا منزل ويرتفع بلا رافع ويفعل ما يشاء بغير استعانة بأحد ولا