وأما أهل السنة قالوا الأصل الاتباع والعقول تبع ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء صلوات الله عليهم ولبطل معنى الأمر والنهي ولقال من شاء ما شاء .
ولو كان الدين بني على المعقول وجب ألا يجوز للمؤمين أن يقبلوا شيئا حتى يعقلوا .
ونحن إذا تدبرنا عامة ما جاء في أمر الدين من ذكر صفات الله D وما تعبد الناس به من اعتقاده وكذلك ما ظهر بين المسلمين وتداولوه بينهم ونقلوه عن سلفهم إلى أن أسندوه إلى رسول الله من ذكر عذاب القبر وسؤال الملكين والحوض والميزان والصراط وصفات الجنة وصفات النار وتخليد الفريقين فيهما أمور لا ندرك حقائقها بعقولنا وإنما ورد الأمر بقبولها والإيمان بها .
فإذا سمعنا شيئا من أمور الدين وعقلناه وفهمناه فلله الحمد في ذلك والشكر ومنه التوفيق وما لم يمكنا إدراكه وفهمه ولم تبلغه عقولنا آمنا به وصدقنا واعتقدنا أن هذا من قبل ربوبيته وقدرته واكتفينا في ذلك بعلمه ومشيئته وقال تعالى في مثل هذا ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وقال الله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء .
ثم نقول لهذا القائل الذي يقول بني ديننا على العقل وأمرنا باتباعه أخبرنا إذا أتاك أمر من الله تعالى يخالف عقلك فبأيهما تأخذ بالذي تعقل أو بالذي تؤمر .
فإن قال بالذي أعقل فقد أخطأ وترك سبيل الإسلام