واعلم أن الأئمة الماضين وأولي العلم من المتقدمين لم يتركوا هذا النمط من الكلام وهذا النوع من النظر عجزا عنه ولا انقطاعا دونه وقد كانوا ذوي عقول وافرة وأفهام ثاقبة وقد كانت هذه الفتن قد وقعت في زمانهم وظهرت وإنما تركوا هذه الطريقة وأضربوا عنها لما تخوفوه من فتنتها وعلموه من سوء عاقبتها وسيء مغبتها .
وقد كانوا على بينة من أمورهم وعلى بصيرة من دينهم لما هداهم الله بنوره وشرح صدورهم بضياء معرفته فرأوا أن فيما عندهم من علم الكتاب وحكمته وتوقيف السنة وبيانها غناء ومندوحة مما سواها وأن الحجة قد وقعت وتمت بهما وأن العلة والشبهة قد أزيحت بماكنهما .
فلما تأخر الزمان بأهله وفترت عزائمهم في طلب حقائق علوم الكتاب والسنة وقلت عنايتهم بها واعترضهم الملحدون بشبههم والطاعنون في الدين