( 50 ) إلا أنه يختلف عن ترتيبه فيما ورد بأصل النسخة المطبوعة في ليبسك ( 1871 ـ 1872م ) ولما أثبته الزنجاني في تقسيمه لجمع الإمام علي عليه السلام للمصحف في سبعة أجزاء (1). وإذا صحت هذه الرواية، فقد فاتنا تأريخ دقيق عن النزول يستند إلى أعظم رواية قد شاهد عصر التنزيل وصاحب مسيرته، وبذلك يكون الإمام علي عليه السلام أول من حقق في تثبيت نزول القرآن تأريخيا. وليس أمامنا طريق إلى تعيين تأريخ النزول إلا من جهتين: الأولى: الرواية الصحيحة الثابتة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أهل البيت عليهم السلام أو الصحابة ( رض ) الذين شاهدوا قرائن الأحوال، وتتبعوا مسيرة الوحي من بدايته إلى نهايته، وقد كان جزء من ذلك متوافرا فيما نلمسه من روايات وآثار في كتب التفسير وعلوم القرآن، من نصوص يوردها الإثبات ويتناقلها الثقات، وإن كان بعضها لا يخلو من تضارب، أما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد ادعي أنه: " لم يؤمر به، ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة " (2). الثانية: الاستنباط الاجتهادي القائم على أساس أعمال الفكر، ودراسة الأحداث، ومعرفة أسباب النزول، والمقارنة بين الآيات نفسها، واعتبار القرائن الحالية والمقالية، والسياق والنظم، ووحدة السورة الموضوعية، وما ماثل ذلك أدلة تقريبية على ذلك، لا سيما فيما لا نص عليه، فتتعين معرفته عن طريق الأدلة والبراهين والمرجحات فيؤخذ بأقواها حجة، وأبرمها دليلا، وهذا ما نشاهده في شأن الآيات والسور المختلف بنزولها الزماني أو المكاني. وقد استأنس العلماء والمحققون بعلائم وإمارات وخصائص، تتميز بها كل من السور المكية والمدنية، ففرقوا بينها على أساس هذا الفهم، والنظر في ذلك كضوابط قابلة للانطباق في أكثر تجاربها، إلا أنها ليست حتمية، ولكنها إمارات غالبة، لتوافر استثناءات في بعضها. فمن ضوابط معرفة السور المكية أوردوا ما يلي: ____________ (1) ظ: الزنجاني، تأريخ القرآن: 69 ما بعدها. (2) الزركشي، البرهان: 1 | 191.